خاص بالزوج

 



متى يجب الزواج على الرجل

حكم الزواج بالنسبة للرجال يختلف باختلاف أوضاعهم وأحوالهم ، ويجب الزواج على من قدر عليه وتاقت إليه نفسه وخشي العنت ؛ لأن صيانة النفس وإعفافها عن الحرام واجب ، ولا يتم ذلك إلا بالزواج . قال القرطبي : المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزوج ، لا يُختلف في وجوب التزويج عليه . وقال المرداوي رحمه الله في كتابه الإنصاف : الْقِسْمُ الثَّالِثُ : مَنْ خَافَ الْعَنَتَ . فَالنِّكَاحُ فِي حَقِّ هَذَا : وَاجِبٌ . قَوْلا وَاحِدًا .. " الْعَنَتُ " هُنَا : هُوَ الزِّنَا . عَلَى الصَّحِيحِ . وَقِيلَ : هُوَ الْهَلاكُ بِالزِّنَا . .. الثَّانِي : مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " إلا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ " إذَا عَلِمَ وُقُوعَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ . وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ : وَيُتَوَجَّهُ إذَا عَلِمَ وُقُوعَهُ فَقَطْ . الإنصاف ج8 : كتاب النكاح : أحكام النكاح فإن تاقت نفسه إليه وعجز عن الإنفاق على الزوجة فإنه يسعه قول الله تعالى : " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله " وليكثر من الصيام ، لما رواه الجماعة عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء " . وقال عمر لأبي الزوائد : إنما يمنعك من التزوج عجز أو فجور . أنظر : فقه السنة 2/15-18 ويَجِبُ النكاح عَلَى مَنْ يَعْصِي وَلَوْ بِالنَّظَرِ أَوْ التَّقْبِيلِ لو بقي بلا زواج ، فإذَا كَانَ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ يَعْلَمُ أَوْ يَغْلِبُ فِي ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ ارْتَكَبَ الزِّنَى أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ كنكاح يده وجب عليه الزواجِ , وَلا يَسْقُطُ وُجُوبُ النِّكَاحِ عَلَى مَنْ عَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لا يَتْرُكُ الْمَحْظُورَ وَلَوْ تَزَوَّجَ لأَنَّهُ مَعَ الزَّوَاجِ يَكُونُ أَقَلَّ عِصْيَانًا لأنّه يُشغل عَنْ الْمَحْظُورِ ولو أحيانا بِخِلافِ مَا إذَا كَانَ مُتَعَزِّبًا فَهُوَ مُتَفَرِّغٌ لِلْمَعْصِيَةِ فِي جَمِيعِ حَالاتِهِ . والناظر في حال عصرنا وما فيه من ألوان الفجور وأنواع الإغراءات يقتنع بأنّ الوجوب في عصرنا هذا أشد وأقوى من أي عصر مضى ، نسأل الله أن يطهّر قلوبنا ويباعد بيننا وبين الحرام ويرزقنا العفّة والعفاف وصلى الله على نبينا محمد .

هل جماع الزوجة يعدل صلاة سبعين نافلة

أولاً : إذا جامع الرجل زوجته فهو مأجور لأنه اتَّبع الحلال و ترك الحرام ، وهذا ما يؤكده حديثٌ النبي صلى الله عليه وسلم : عن أبي ذر : " أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم ، قال : أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ، إن بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليله صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ، وفي بُضع أحدكم صدقة ، قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدُنا شهوتَه ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " . رواه مسلم ( 1674 ) . أهل الدثور : أهل الأموال . يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى : قوله صلى الله عليه وسلم " وفي بُضع أحدكم صدقة " : هو بضم الباء ، ويطلق على الجماع ، ويطلق على الفرج نفسه . …وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات ، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به أو طلب ولد صالح أو إعفاف نفسه أو إعفاف الزوجة ومنعهما جميعا من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم به أو غير ذلك من المقاصد الصالحة قوله قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر . " شرح مسلم " ( 7 / 92 ) . ثانياً : أما قولك " أن الثواب يعادل أجر سبعين صلاة من النافلة " : فلعل السؤال عن ثواب المجامع لزوجته ، وقولك هذا لعله جاء من قراءتك في " شرح النووي على صحيح مسلم " ، وهو الكلام الذي أوردناه آنفاً حيث أن الشيخ رحمه الله تعالى تحدث في شأن الأمر بالمعروف وأنه واجب ثم تحدث في شأن التسبيح والذكر وأنه سنَّة ، ثم بين أن الفريضة تعدل النافلة بسبعين درجة ، ثم قال : واستأنسوا فيه بحديث .. ثم قال بعد نهاية هذا الكلام : " قوله صلى الله عليه و سلم وفي بُضع أحدكم " : فلعلك ظننتَ أن الحديث الذي استأنسوا به هو حديث " وفي بُضع أحدكم " . فإذا كان كذلك : فاعلم أن الكلام الأول منفصل عن الذي بعده فقوله : " بحديث " يعني حديثاً ما ، ولم يذكره الإمام النووي ، ثم لما فرغ من حديثه عن الفرض والنافلة ودرجة كل منهما شرع في بيان قوله " وفي بضع أحدكم " ؛ فوقع الوهم بهذا . هذا ما نظنه ، وأما إن أردت أن ثواب الفريضة يعدل سبعين من النافلة : فقد جاء قول النووي وذكر أن في ذلك حديثاً ولم يذكره . وقد علمنا ما أراده النووي مما أشار إليه ، وهو ما يأتي في الفائدة التي وجدناها للحافظ ابن حجر رحمه الله : قال الحافظ : فائدة : نقل النووي في " زيادات الروضة " عن إمام الحرمين عن بعض العلماء أن ثواب الفريضة يزيد على ثواب النافلة بسبعين درجة ، قال النووي : واستأنسوا فيه بحديث . انتهى والحديث المذكور ذكره الإمام في " نهايته " وهو حديث سلمان مرفوعاً في شهر رمضان " مَن تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومَن أدَّى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة في غيره " انتهى وهو حديث ضعيف ، أخرجه ابن خزيمة ، وعلّق القول بصحته . " التلخيص الحبير " ( 3 / 118 ) . ومقصوده رحمه الله بأنّ ابن خزيمة علّق القول بصحّته يتضّح بالرجوع إلى صحيح ابن خزيمة ( 3 / 191 ) ، حيث بوَّب عليه : باب فضائل شهر رمضان إن صح الخبر . أ. هـ والحديث : فيه علي بن زيد بن جدعان وهو راو ضعيف . والله أعلم .

فك السحر عن الزوج ليلة عرسه

ليس ذلك بلازم ولكنه قد يقع ، فقد يبتلى بعض الناس بأن يسحره غيره بما يمنعه عن زوجته ، لقول الله عز وجل : ( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) الآية من سورة البقرة/102 ، ولكنه إذا استعمل التعوذات الشرعية كفاه الله شر السحرة وغيرهم ، وأزال الله ذلك عنه متى وجد . وعليه أن يقرأ على نفسه آية الكرسي ، والفاتحة وآيات السحر وقل هو الله أحد والمعوذتين ، ويزول بإذن الله ، وقد جُرب هذا كثيراً ، قد يقرأ له قارئ طيب من أهل الخير والصلاح الذين يرجى فيهم الخير ، يقرأ هذا في ماء فيشرب منه ويغتسل منه فيذهب عنه الأذى ، أو يقرأ عليه وينفث عليه بذلك فيشفيه الله من ذلك ، وكل هذا من أسباب العافية .

الزوجة الغضوبة

ستجد الإجابة على هذا السؤال بالتفصيل في كتاب " شكاوى وحلول " المعروض في ركن الكتب من هذا الموقع وكذلك في السؤال رقم 658 ، وكونها تعتذر دليل على ندمها واعترافها بخطئها وهذا أول خطوات العلاج ، فذكّرها بموقعها في البيت وكونها قدوة أمام أولادها ، وأنّ هذا الخلق الذميم قد يسري إليهم وتتطبّع به شخصياتهم فتكون الجناية ممتدة الأثر ، وليسعها حلمك واعترافك بأنها أم وزوجة جيدة يذكّر بحديث النبي صلى الله عليه وسلم " قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر ) رواه مسلم 2672 قال النووي رحمه الله في شرح الحديث : أي ينبغي أن لا يبغضها , لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق لكنها ديّنة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك ." انتهى ، نسأل الله لزوجتك الهداية وحسن الخلق ، وصلى الله على نبينا محمد .

الإجراءات الشرعية عند تمرد الزوجة

قال ابن قدامة : ( وإن خاف الرجل نشوز امرأته ) بأن تظهر منها أمارات النشوز بأن لا تجيبه إلى الاستمتاع أو تجيبه متبرمة متكرهة فإنه ( يعظها ) ويخوفها الله سبحانه ويذكر لها ما أوجب الله له عليها من الحق والطاعة وما يلحقها بذلك من الإثم وما يسقط عنها من النفقة والكسوة وما يباح له من ضربها فهجرها لقوله تعالى : ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن ) سورة النساء/34 ، ( فإن أصرت وأظهرت النشوز والامتناع من فراشه فله أن يهجرها في المضجع ما شاء ) لقوله سبحانه : ( وأهجروهن في المضاجع ) النساء/35 ، ( فإن أصرت فله أن يضربها ضرباً غير مبرح ) لقوله سبحانه : ( واضربوهن ) ، ( فإن خيف الشقاق بينهما ) يعني علم ( بعث الحاكم حكماً من أهله وحكماً من أهلها مأمونين يجمعان إن رأيا أو يفرقان ، فما فعلا من ذلك لزمهما ) وذلك أن الزوجين إذا خرجا إلى الشقاق والعداوة بعث الحاكم حكمين حرين مسلمين عدلين ، والأولى أن يكونا من أهلهما برضاهما وتوكيلهما فيكشفان عن حالهما ويفعلان ما يريانه من جمع بينهما أو تفريق بطلاق أو خلع ، فما فعلا من ذلك لزمهما ، والأصل فيه قوله سبحانه : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما ) .

مسؤولية الرجل في تربية زوجته

وبعد ، يقول الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/6 . وعَنْ ابْنِ عُمَر رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ " رواه البخاري ( 7138 ) ومسلم ( 1829 ) . فمِن هذين النَّصين يتضح جليّاً أن الرجل مسؤول عن أهله فيما يتعلق بتربيتهم على معاني الإسلام بل والأخذ على أيديهم بالقوة عند الحاجة وتحقق المصلحة من استخدام هذا الأسلوب ، وأن الله سيحاسب كل راعٍ عما استرعاه فمَن فرَّط في تربية أهله وأولاده فلا شك أنه على خطر عظيم ، بل قد ورد في حقه الوعيد الشديد الذي تقشعر له الأبدان ، ففي صحيح البخاري ( 7151 ) وصحيح مسلم ( 142 ) من كتاب الإمارة عن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزنِيَّ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " . فمسؤولية الرجل تجاه أهله عظيمة ينبغي عليه أن يتقي الله في القيام بها على أكمل وجه مع التزام الدعاء للنفس والأهل بالهداية والتوفيق . أما ما يتعلق بالزوجة فإنها مكلفةٌ أيضاً ومسؤولة عن أعمالها فإن التكاليف الشرعية لازمة لرجال الأمة ونسائها إلا ما استثنته الشريعة ففرقت بينهما في بعض الأحكام كتفضيل صلاة المرأة في بيتها على الصلاة في المسجد صيانة لها من الاختلاط بالرجال ، ولذا ورد في سنن الترمذي ( 113 ) وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن النساء شقائق الرجال " صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (1 / 35 ) . وفي الحديث السابق أن المرأة راعية أيضا ومسؤولة عن رعيتها والله تعالى يقول : ( كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ) الطور/21 ويقول : ( وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً ) مريم/95 . إذن فالمسؤولية فردية وسيحاسب كل شخص لوحده فالشاب الذي بلغ إذا ضل بسبب سوء تربية والده له وكان قد بلغه الإسلام فإنه لا عذر له ؛ لأن الله أعطاه عقلاً وكلَّفه بمقتضى هذا العقل ؛ وإن كان والده محاسباً على تقصيره في تربيته ، وكذلك الزوجة من باب أولى ، فالواجب على الزوجة أن تتقي ربها وأن تشكر نعمة الله عليها بأن ميزها عن سائر الكفار بنعمة الإسلام فتقوم لله بحقه بأداء الواجبات والكف عن المحرمات ولتعلم أن الموت يأتي بغتة وأن وراء الموت حساباً وسؤالاً ووراء هذا إما جنة فنعيم مقيم وراحة أبدية لا تنتهي ، وإما نار تلظى تذيب الجبال الرواسي ، والصخور الصلاب فكيف بأبداننا الضعيفة ، نسأل الله النجاة منها . وأما أنت يا أخي فالواجب عليك التوبة النصوح ، فإن الذنب مهما عَظُم ؛ فتاب منه صاحبه واستجمع شروط التوبة قبلها الله منه ، ثم أقبِل على تربية زوجك مستخدماً في ذلك أسلوب التدرج سالكاً الرفق مستصحباً الحكمة ، طالباً من الله التوفيق والعون ، راجع السؤال رقم ( 10680 ) لتستزيد حول هذا الموضوع. والله ولي التوفيق ،،،

هل يتزوج بغير رضى والده ؟

لم يخطئ الابن في اختياره ذات الدين والخُلُق فهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم للراغب في النكاح ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تُنكح المرأة لأربعٍ : لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك " . رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) . وإليك نصيحة لوالدك ولك من فضيلة الشيخ ابن عثيمين تتعلق بموضوعك : قال الشيخ – رحمه الله – : هذا السؤال يقتضي أن نوجه نصيحتين ؛ النصيحة الأولى لوالدك حيث أصرَّ على منعك من الزواج بهذه المرأة التي وصفتَها بأنها ذات خلق ودين ، فإن الواجب عليه أن يأذن لك في تزوجها إلا أن يكون لديه سبب شرعي يعلمه ويبينه حتى تقتنع أنت وتطمئن نفسك ، وعليه أن يقدِّر هذا الأمر في نفسه لو كان أبوه منعه من أن يتزوج امرأة أعجبته في دينها وأخلاقها ، أفلا يرى أن ذلك فيه شيء من الغضاضة وكبت حريته ؟ فإذا كان هو لا يرضى أن يقع من والده عليه مثل هذا فكيف يرضى أن يقع منه على ولده مثل هذا ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " . فلا يحل لأبيك أن يمنعك من التزوج بهذه المرأة بدون سبب شرعي ، وإذا كان هناك سبب شرعي فليبينه لك حتى تكون على بصيرة . أما النصيحة التي أوجهها إليك أيها السائل : فأنا أقول : إذا كان يمكنك أن تعدل عن هذه المرأة إلى امرأة أخرى : فإرضاء لأبيك وحثّاً على لمِّ الشمل وعدم الفرقة فافعل . وإذا كان لا يمكنك بحيث يكون قلبك متعلقا بها وتخشى أيضا أنك لو خطبت امرأة أخرى أن يمنعك أبوك من زواجك بها – لأن بعض الناس قد يكون في قلبه غيرة أو حسد ولو لأبنائه فيمنعهم مما يريدون – أقول : إذا كنتَ تخشى هذا ولا تتمكن من الصبر عن هذه المرأة التي تعلَّق بها قلبك : فلا حرج عليك أن تتزوجها ولو كره والدك ، ولعله بعد الزواج يقتنع بما حصل ويزول ما في قلبه ، ونسأل الله أن يقدر لك ما فيه خير الأمرين .

حكم تأخير الزواج بدون مبرر

نشكر لك شعورك الطيب تجاه موقعنا ، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك علما نافعا وعملا صالحا . وإذا كان الأمر كما ذكرت من موافقة والديك ، واستعداد أهل المخطوبة ، وأن كل شيء جاهز ، فلا وجه لتأخير هذا الزواج . بل ينبغي التعجيل به لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه . البخاري 4778 ومسلم 1400 . لكن قد يكون لدى والديك من الأسباب ما يدعوهم إلى التأخير ، وربما لا يريدان إعلامك بها ، فينبغي أن تصبر وتحتسب ، وأن تذكرهما بفضل المسارعة في هذا الخير ، لما فيه من غض البصر وتحصين الفرج ، ولو كان ذلك بإجراء عقد النكاح وتأجيل الدخول ، فهذا خير من البقاء على الخطبة فقط . واعلم أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته ، لا يباح له منها إلا نظر الخطبة ، فإن عقد عليها صارت زوجة له ، يحل له منها ما يحل للأزواج ، والأفضل ألا يطأ إلا عند إعلان الدخول ، دفعا للمفسدة ، واعتبارا للعرف السائد في ذلك . والله أعلم .

زوجته ضعيفة الدين فماذا يفعل ؟

هذه المشكلة التي شرحتها ، يعاني منها كثير من الشباب الذين يظنون أن المرأة يمكن أن تتعلم وتدعو ، وتجتهد في العبادة ، وتعين زوجها على الالتزام ، مهما كان زوجها مقصرا في ذلك . والواقع أن المرأة لا تقتدي بأحد اقتداءها بزوجها ، فإذا لم يكن الزوج قدوة في هذه الأمور ، فسرعان ما تتفلت المرأة ، ويضعف التزامها وتمسكها . وهذا في الغالب ، ولا يمنع أن توجد حالات مشرقة ، تكون فيها المرأة هي الرائدة والمعلمة ، والآخذة بيد زوجها إلى طريق الهداية . وكونك وقفت على الحقيقة ، وأن زوجتك فتاة عادية ، لا يعني الفشل ، ولا يبعث على الندم ، بل ينبغي أن يكون ذلك محفزا لك على أن تنال أجر دعوتها وهدايتها . وما ذكرته من صفاتها الطيبة سيساعدك على ذلك إن شاء الله . فكن أنت الداعي والمذكر والناصح .. اشغل فراغها بما ينفع من الأشرطة والكتب والمجلات ، ولا تيأس من الإنكار عليها إذا وقعت في الغيبة أو مشاهدة التلفاز ، لكن اجعل ذلك على سبيل الرفق والرحمة والمحبة . واسْع في إلحاقها بدار من دور تحفيظ القرآن الكريم ، وانشط لاصطحابها معك في المحاضرات العامة ، وفي تقوية الأواصر مع بعض الأسر الصالحة المستقيمة ، فهذا خير ما يعين زوجتك على تقوية إيمانها . وما ذكرته من قلة عبادتها ، لعله راجع إلى قلة عبادتك ، أو إهمالك لمشاركتها في العبادة ، فاجتهد في إعانتها ، وتذكيرها بفضل النوافل ، وأجر قيام الليل ، وثواب الصيام ، ومارس معها ما استطعت من هذه العبادات . وكن قواماً على أسرتك ، تحجزها عن الحرام ، وتمنعها مما فيه ريبة أو فساد . وسل الله تعالى قائلا : ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ) الفرقان/74 . نسأل الله أن يصلح حالك وأحوال المسلمين أجمعين .

إجبار الزوج زوجته على الجماع

ليس للمرأة أن تمنع نفسها من زوجها ، بل يجب عليها أن تلبي طلبه كلما دعاها ما لم يضرها أو يشغلها عن واجب . روى البخاري (3237) ومسلم (1436) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ) . فإن امتنعت من غير عذر كانت عاصية ناشزا ، تسقط نفقتها وكسوتها . وعلى الزوج أن يعظها ويخوفها من عقاب الله ، ويهجرها في المضجع ، وله أن يضربها ضرباً غير مُبَرِّح، قال الله تعالى : ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ) النساء/34 . وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عما يجب على الزوج إذا منعته من نفسها إذا طلبها ؟ فأجاب : ( لا يحل لها النشوز عنه ، ولا تمنع نفسها منه ، بل إذا امتنعت منه وأصرت على ذلك فله أن يضربها ضربا غير مبرح ، ولا تستحق نفقة ولا قسما ) مجموع الفتاوى 32/279 . وسئل عن رجل له زوجة وهي ناشز تمنعه نفسها فهل تسقط نفقتها وكسوتها وما يجب عليها ؟ فأجاب : ( تسقط نفقتها وكسوتها إذا لم تمكنه من نفسها ، وله أن يضربها إذا أصرت على النشوز . ولا يحل لها أن تمتنع من ذلك إذا طالبها به ، بل هي عاصية لله ورسوله ، وفي الصحيح : " إذا طلب الرجل المرأة إلى فراشه فأبت عليه كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى تصبح " ) انتهى من مجوع الفتاوى 32/278 ، والحديث رواه مسلم (1736) . فينبغي وعظ الزوجة أولا ، وتحذيرها من النشوز وغضب الله عليها ولعنة الملائكة لها ، فإن لم تستجب هجرها الزوج في الفراش ، فإن لم تستجب ضربها ضربا غير مبرح ، فإن لم ينفع معها ذلك ، منع عنها النفقة والكسوة ، وله أن يطلقها أو يخالعها لتفتدي منه بمالها . وكذلك الأمة ليس لها أن تمتنع من تلبية رغبة سيدها إلا من عذر ، فإن فعلت كانت عاصية ، وله أن يؤدبها بما يراه مناسباً وأذن الشرع به . والله أعلم .

هل للرجل ولي في النكاح ؟

لا يجب على الرجل أن يكون له ولي وقت عقد النكاح ، إنما الرجل هو الذي يتولى عقد النكاح بنفسه ، أما المرأة هي التي تحتاج الى ولاية لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة : ( أيما أمراة نكحت بلا ولي فنكاحها باطل باطل باطل ) رواه الترمذي ( 1102 ) وحسَّنه وأبو داود ( 2083 ) وابن ماجه ( 1879 ) . إلا إذا كان الرجل مجنونا أو معتوها ، فهذا تكون عليه الولاية ،أما إذا كان رشيدًا فإنه لا ولاية عليه .

ضرب الزوجة

يسعدنا كثيرا اطلاعك على موقعنا ، ورغبتك في التعرف على الإسلام ، ونسأل الله أن يهديك لما فيه سعادتك في الدنيا والآخرة . وليس في القرآن ما يؤخذ منه أن للرجل أن يعض زوجته . 1- وقد أمر القرآن بالإحسان إلى الزوجة ، وإكرامها ، ومعاشرتها بالمعروف، حتى عند انتفاء المحبة القلبية ، فقال : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً ) النساء / 19 . 2- وبين أن للمرأة حقوقا على زوجها ، كما أن له حقوقا عليها ، فقال : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة / 228 ، والآية تدل على أن للرجل حقا زائدا ، نظير قوامته ومسئوليته في الإنفاق وغيره . 3- وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى الزوجة وإكرامها ، بل جعل خير الناس من يحسن إلى أهله ، فقال : " خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي " رواه الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي . 4- ومن جميل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الإحسان إلى الزوجة ، أن إطعام الزوج لزوجته ، ووضع اللقمة في فمها ، ينال به صدقة ، فقال : " وإنك لن تنفق نفقة إلا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك " رواه البخاري 6352 ومسلم 1628 4- وقال صلى الله عليه وسلم : " اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " رواه مسلم 1218 ومعنى " ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه " أي : لا يأذنّ لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له رجلا أجنبيا أو امرأة أو أحدا من محارم الزوجة فالنهى يتناول جميع ذلك . انتهى كلام النووي . وأفاد الحديث أن للرجل أن يضرب زوجته ضربا غير مبرح إذا وجد ما يدعو لذلك من مخالفتها وعصيانها . وهذا كقوله تعالى: ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ) النساء / 34 . فإذا تمردت المرأة على زوجها ، وعصت أمره ، سلك معها هذه الطرق الوعظ أو الهجر في المضجع ، أو الضرب ويشترط في الضرب أن يكون غير مبرح . قال الحسن البصري : يعني غير مؤثر. وقال عطاء : قلت لابن عباس ما الضرب غير المبرح ؟ قال : بالسواك ونحوه . فليس الغرض إيذاء المرأة ولا إهانتها ، ولكن إشعارها بأنها مخطئة في حق زوجها ، وأن لزوجها الحق في إصلاحها وتقويمها . والله أعلم .

هل يجب على الزوج إسعاد زوجته

يجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف ، وأن يقوم بنفقتها من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ، لقول الله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 وقوله : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228 وروى أحمد (20025) وأبو داود (2142) عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال قلت : يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال : " أن تطعمها إذ طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت " قال أبو داود : ولا تقبح : أن تقول قبحك الله . والحديث قال عنه الألباني في صحيح أبي داود : حسن صحيح . وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا ، في غير ما حديث ، ولهذا فعلى الزوج أن يتقي الله تعالى في زوجته ، وأن يعطي كل ذي حق حقه ، فالبر بالوالدين وصلة الرحم لا يتعارضان مع الإحسان إلى الزوجة وإكرامها والاهتمام بها ، وخير ما تذكرينه به هو قول النبي صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " رواه الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي . فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم معيار الخيرية في إكرام الأهل ، فمن أراد أن يكون من خيار المسلمين فليحسن إلى أهله . وذلك يشمل الإحسان إلى الزوجة والعيال والأقارب . وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأتك " رواه البخاري (56) وينبغي أن تتلمسي أسباب تقصيره في معاملتك ، فربما كان هذا لتقصير منك في حقه ، من حيث الاهتمام به ، والتزين له ، والمسارعة في قضاء حوائجه . وعليك بالمزيد من الصبر ، لما فيه من الخير الكثير والعاقبة الحميدة ، لقوله سبحانه : ( وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال/46 ، وقوله : ( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) يوسف/90 ، وقوله : ( فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود/49 نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين جميعا . والله أعلم .

عنده ألم شديد في أسفل ظهره فهل يمنعه ذلك من الزواج؟

ينبغي أن تعرض أمرك على طبيب مختص ، فإن ثبت أن هذا الألم يمكن أن يؤثر على الإنجاب أو يمنع من الوطء ، أو لا تقوى معه على العمل والكسب ، فإنه يجب عليك أن تخبر من تريد الزواج منها ، فإن قبلت بذلك ، فلا حرج عليك في نكاحها ، وما لم تبين ذلك كنت غاشا لها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من غش فليس مني " رواه مسلم (102). وما ذكرناه مبني على القول الراجح من أن كل عيب يفوت به مقصود النكاح فإنه يجب بيانه ، ويثبت به خيار الفسخ في حال الاطلاع عليه بعد كتمانه . قال ابن القيم رحمه الله : ( والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار ) زاد المعاد 5/166 . وقال : ( ومن تأمل فتاوى الصحابة والسلف علم أنهم لم يخصوا الرد بعيب دون عيب ) وقال : ( وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حرم على البائع كتمان عيب سلعته وحرم على من علمه أن يكتمه من المشتري ، فكيف بالعيوب في النكاح ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس حين استشارته في معاوية أو أبي الجهم : " أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه " فعلم أن بيان العيب في النكاح أولى وأوجب ، فكيف يكون كتمانه وتدليسه والغش الحرام به سببا للزومه ، وجعلِ هذا العيب غِلَّا لازما في عنق صاحبه مع شدة نفرته عنه ) انتهى من زاد المعاد 5/168 وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ( والصواب أن العيب هو كل ما يفوت به مقصود النكاح ، ولاشك أن مقاصد النكاح منها المتعة ، والخدمة ، والإنجاب ، وهذا من أهم المقاصد ، فإذا وجد ما يمنع هذه المقاصد فهو عيب ، وعلى هذا فلو وجدته الزوجة عقيما أو وجدها هي عقيما فهو عيب ) انتهى من الشرح الممتع 5/274 ط. مركز فجر . والله أعلم .

كيف يعرف الزوجةَ المرأة الودود والولود قبل الزواج ؟

عن معقل بن يسار قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال ولكنها لا تلد ، أفأتزوجها ؟ فنهاه ، ثم أتاه الثانية ، فقال مثل ذلك فنهاه ، ثم أتاه الثالثة فقال مثل ذلك ، فقال صلى الله عليه وسلم : تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم . رواه أبو داود ( 2050 ) ، والنسائي ( 3227 ) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " آداب الزفاف " ( ص 132 ) . ويمكن معرفة المرأة الولود بأحد طريقين : الأولى : من النظر في حال أمها وأخواتها . والثانية : أن تكون تزوجت قبل ذلك ، فيُعلم ذلك من زواجها المتقدم . قال الشيخ عبد العظيم آبادي في "عون المعبود" (6/33) ( تَزَوَّجُوا الْوَدُود ) : أَيْ الَّتِي تُحِبّ زَوْجهَا ( الْوَلُود ) : أَيْ الَّتِي تَكْثُر وِلادَتهَا . وَقَيَّدَ بِهَذَيْنِ لأَنَّ الْوَلُود إِذَا لَمْ تَكُنْ وَدُودًا لَمْ يَرْغَب الزَّوْج فِيهَا , وَالْوَدُود إِذَا لَمْ تَكُنْ وَلُودًا لَمْ يَحْصُل الْمَطْلُوب وَهُوَ تَكْثِير الأُمَّة بِكَثْرَةِ التَّوَالُد , وَيُعْرَف هَذَانِ الْوَصْفَانِ فِي الأَبْكَار مِنْ أَقَارِبهنَّ إِذْ الْغَالِب سِرَايَة طِبَاع الأَقَارِب بَعْضهنَّ إِلَى بَعْض اهـ . والله أعلم .

هل يستمع الرجل لاقتراحات زوجته ويشاورها في أموره

قال الله تعالى آمراً بالإحسان إلى الزوجة : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( َاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ...فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري (5186) ومسلم (1468) وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3314) ولا شك أن مشاورة الزوجة والاستماع لنصيحتها وقبولها منها ، هو من تمام المعروف في العشرة ، و استصلاح قلبها ، وإشعارها بدورها في بيتها ، ومسؤوليتها عن أسرتها ، لاسيما إذا جرب الرجل من امرأته الحكمة والعقل ، والروية في النظر إلى الأمور ، وعدم التسرع والانسياق وراء العاطفة . ثم إن تفاضل المصلحة في استشارة المرأة وقبول رأيها ، أو عدم ذلك تختلف باختلاف الموضوع الذي تبذل المرأة فيها مشورتها ، وتدلي بنصيحتها ، وهل لطبيعتها العاطفية أثر في رأيها في هذه القضية أو لا . ويختلف أيضاً باختلاف حال كل من الزوجين ومدى تقديرهما وحسن ضبطهما . وإذا ما بدا للزوج وجه المصلحة في رد قولها ، أو بدا له خطأ في مشورتها ، فعليه أن يتلطف في عدم القبول ، وألا يسفِّه رأيها ، أو يزدري نصحها ، ويبين له وجه الصواب ، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً . وتأمل قصة الحديبية ، وما جرى فيها ، لتعلم قيمة مشاورة المرأة العاقلة الحكيمة ، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما صالح قريشاً على الرجوع ، وعدم دخول مكة عامهم هذا ، قال لأصحابه : " قوموا فانحروا . قال الراوي : فوالله ما قام منهم رجل ، حتى قال ذلك ثلاث مرات . فلما لم يقم أحد منهم ، دخل على أم سلمة ، فذكر لها ما لقي من الناس . فقالت أم سلمة : يا نبي الله ، أتحب ذلك ؟! أخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة ، حتى تنحر بدنك ، وتدعو حالقك فيحلقك . فلما فعل ذلك قاموا فنحروا .. " قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : فيه فضل المشورة .. وجواز مشاورة المرأة الفاضلة " اهـ. وتأمل أيضاً قصة موسى ، وكيف رباه الله في بيت فرعون ، وكم كانت لمشورة آسيا امرأة فرعون رضي الله عنها من بركة : ( وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) القصص/9 وفي نفس السورة قصة المرأتين على ماء مدين ، وكيف أن إحداهما قالت لأبيها : ( يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ ) القصص/26 ، فانظر إلى وفور عقلها ، وعلمها بمن هو أهل للإجارة ، وحفظ الأمانة في الأعمال ، وكيف كانت بركة هذه المشورة على أهل البيت . والله الموفق .

هل يصح أن يكون والد الزوج شاهدا على عقد نكاحه؟

العقد المذكور صحيح ، ويعتبر والدك شاهدا على نكاحك ، وهو مذهب الإمام الشافعي وأحد القولين للإمام أحمد رحمهما الله . انظر : "نهاية المحتاج" (6/218) ، "الإنصاف" (8/105) . وذلك لأنه ليس وليا في النكاح ، فصح أن يكون شاهدا ، بخلاف والد الزوجة . وقد اختار القول بالصحة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فقد قال بعد أن ذكر القول الأول في المسألة وهو عدم جواز شهادة أحد من أصول الزوجين أو فروعهما على النكاح ( والمراد بالأصول هنا الآباء والأجداد ، وبالفروع الأبناء وأبناؤهم ) ، قال : "والقول الثاني : أن ذلك يصح ، وهو أن يكون الشاهدان أو أحدهما من الأصول أو الفروع . . . ثم قال : فالصواب إذاً أنه يصح العقد ، وهو رواية عن أحمد واختارها كثير من الأصحاب" اهـ . الشرح الممتع (5/163) . ثم إنك قد ذكرت أنك متزوج من عامين ، والغالب أنه يكون قد حصل إعلان للنكاح وإشهار له بمثل دعوة الناس وما أشبه ذلك مما اعتاده الناس الآن . وهذا يكفي لصحة النكاح ، ولو لم يشهد عليه شاهدان عند بعض أهل العلم . وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، قال رحمه الله : " لا ريب في أن النكاح مع الإعلان يصح ، وإن لم يشهد شاهدان " اهـ . الاختيارات (ص 210) . وقد أخطأ والد الزوجة في قوله إنه تسلم الصداق والواقع أنه لم يتسلم إلا نصفه، لكن ذلك لا يؤثر على صحة عقد النكاح . والله أعلم .

هل يستأذن الرجل زوجته في صوم التطوع كما هو الحال معها ؟

أولاً : نهى النبي صلى الله عليه وسلم الزوجة أن تصوم تطوعاً وزوجها شاهد إلا بإذنه . عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ ) . رواه البخاري ( 5195 ) ومسلم ( 1026) . ولفظ أحمد (9812) : ( لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ يَوْمًا وَاحِدًا وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ إِلا رَمَضَانَ ) حسنه الألباني في "صحيح الترغيب" (1052) . قال النووي : هذا محمول على صوم التطوع والمندوب الذي ليس له زمن معين , وهذا النهي للتحريم صرح به أصحابنا , وسببه أن الزوج له حق الاستمتاع بها في كل الأيام , وحقه فيه واجب على الفور فلا يفوته بتطوع ولا بواجب على التراخي . " شرح مسلم " ( 7 / 115 ) . ثانياً : وأما سبب ورود النهي للمرأة دون الرجل فيمكن استنباط الحكمة من ذلك : 1- حق الزوج على زوجته آكد من حقها عليه ، فلا يصح قياس الزوج على الزوجة في هذا . قال ابن قدامة في "المغني" (7/223) : " وَحَقُّ الزَّوْجِ عَلَيْهَا أَعْظَمُ مِنْ حَقِّهَا عَلَيْهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) . وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ , لأَمَرْت النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لأَزْوَاجِهِنَّ ; لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد " انتهى . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (3/144) : " وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ بَعْدَ حَقِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْجَبَ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ , حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ كُنْت آمِرًا لأَحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا لِعِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا ) " انتهى . 2- أن الزوج – غالباً – هو الطالب للجماع ، والمرأة هي المطلوبة ، فالأكثر والأغلب أن تكون الرغبة منه إليها ، فناسب أن تستأذنه قبل صيام النفل ، إذ قد تكون له رغبة في جماعها . 3- شهوة الرجال أكبر وأعظم من شهوة النساء ، ولذا أبيح للرجل الزواج من أربع نسوة ، وليس هذا الأمر في النساء ولا لهن ، ولذا – أيضاً – كان صبر الرجال على ترك الجماع أضعف من صبر النساء ، ولذا جاء الاستئذان لهن ، وجاء الوعيد لهن في امتناعهن من الجماع في حال دعوة الزوج لهن . ومناسبة الحديث تؤيد هذه الحكمة ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المرأة عن صيام النفل لما اشتكى زوج امرأة عليها أنه يرغب بجماعها وهي تكثر الصوم فيتعطل حقه . عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ : جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ زَوْجِي صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ ، وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ ، وَلا يُصَلِّي صَلاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ . قَالَ : وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ . قَالَ : فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَتْ . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمَّا قَوْلُهَا : يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ ، فَإِنَّهَا تَقْرَأُ بِسُورَتَيْنِ وَقَدْ نَهَيْتُهَا . قَالَ : فَقَالَ : لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتْ النَّاسَ . وَأَمَّا قَوْلُهَا : يُفَطِّرُنِي ، فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ فَتَصُومُ ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ ، فَلا أَصْبِرُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ : لا تَصُومُ امْرَأَةٌ إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا . وَأَمَّا قَوْلُهَا : إِنِّي لا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ ، لا نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ . قَالَ : فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ . رواه أبو داود ( 2459 ) . والحديث : صححه ابن حبان ( 4 / 354 ) ، والحافظ ابن حجر في " الإصابة " ( 3 / 441 ) ، والألباني في " إرواء الغليل " ( 7 / 65 ) . قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله : ومن حقوقه عليها‏ :‏ أن لا تعمل عملا يضيع عليه كمال الاستمتاع حتى لو كان ذلك تطوعاً بعبادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم :‏ ( ‏لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن لأحد في بيته إلا بإذنه‏ ) . " حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة " ‏( ص 12 ) . وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعًا وزوجها شاهد إلا بإذنه ؛ لأن له عليه حق العشرة والاستمتاع ، فإذا صامت فإنها تمنعه من حقوقه ، فلا يجوز لها ذلك ، ولا يصح صومها تنفلاً إلا بإذنه‏ .‏ " المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 4 / 73 ، 74 ) . 4- القيام بحقوق الزوج ، ورعاية المنزل ، وتربية الأبناء واجبات على الزوجة ، فقد يرى الزوج تعارضاً بين تلك الواجبات وصيامها للنفل ، وهذا مشاهد من قبل النساء – بل وبعض الرجال – أنه إن صامت تكاسلت وفرَّطت في واجبات بيتها ، ولذلك جعل الاستئذان في صيام النفل دون الواجب . 5- أن الزوج – في العادة – يخرج للعمل والتكسب ، بخلاف المرأة التي عملها في بيتها ، فلم يشرع استئذان الزوج لعدم الحاجة إليه ، بخلاف المرأة التي تستأذن وعلى كل حال : فأوامر الشرع ونواهيه كلها حكمة ، ويجب على المسلم أن يقول سمعنا وأطعنا ، والأصل اشتراك الرجال والنساء في الأحكام إلا ما فرَّق الله بينها لحكمة تتعلق بطبيعة خلقتها أو للابتلاء ليعلم المؤمن الصادق من غيره . والله أعلم .

هل الرجل الصالح لا يتزوج إلا امرأة صالحة ؟

أولاً : ما سمعتَه من أن الإنسان يتزوج من يستحق ويشابهه في الصلاح والفساد غير صحيح ، ويدل على ذلك : 1-ما حكاه الله تعالى عن نبيين كريمين من أنبيائه وهما نوح ولوط عليهما السلام أن زوجتيهما كانتا كافرتين، قال الله تعالى : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) التحريم/10 . 2-أن الشرع نهى عن تزويج الزاني من العفيفة ، ونهى العفيف عن التزوج من زانية ، وهو يدل على إمكان وقوع ذلك ، بل قد وقع مثل هذا كثيراً . قال الله تعالى : الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ النور / 3 . 3-إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة قد تُزوج لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها ، وترغيبه صلى الله عليه وسلم بالتزوج من ذات الدين يدل أنه قد يقع غيره ، فيتزوج الرجل ممن لا يماثله . عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تُنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، وجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك " . رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ) . 4-أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأولياء بتزويج مولياتهم من أهل الدين يدل على أنه قد يقع خلافه . عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " . رواه الترمذي ( 1084 ) وابن ماجه ( 1967 ) . وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" ( 1022 ). فعلى من يبحث عن زوجة أن يبحث عن صاحبة الدين والخلق ، وكذلك على أولياء المرأة أن لا يزوجوها إلا من صاحب الدين . فإن الإنسان يكتسب من أخلاق من يصاحبه ، لا سيما مع طول الصحبة . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم : (الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) رواه الترمذي (2378) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1937) . ( الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ ) أَيْ عَلَى عَادَةِ صَاحِبِهِ وَطَرِيقَتِهِ وَسِيرَتِهِ (فَلْيُنْظَرْ) أَيْ فَلْيَتَأَمَّلْ وَلْيَتَدَبَّرْ (مَنْ يُخَالِلْ) مِنْ الْمُخَالَّةِ وَهِيَ الْمُصَادَقَةُ وَالإِخَاءُ , فَمَنْ رَضِيَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ خَالَلَهُ وَمَنْ لا تَجَنُّبُهُ , فَإِنَّ الطِّبَاعَ سَرَّاقَةٌ وَالصُّحْبَةُ مُؤَثِّرَةٌ فِي إِصْلاحِ الْحَالِ وَإِفْسَادِهِ . قَالَ الْغَزَالِيُّ : مُجَالَسَةُ الْحَرِيصِ وَمُخَالَطَتُهُ تُحَرِّكُ الْحِرْصَ وَمُجَالَسَةُ الزَّاهِدِ وَمُخَالَلَتُهُ تُزْهِدُ فِي الدُّنْيَا ; لأَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى التَّشَبُّهِ وَالاقْتِدَاءِ بَلْ الطَّبْعُ يَسْرِقُ مِنْ الطَّبْعِ مِنْ حَيْثُ لا يَدْرِي اهـ من تحفة ألأحوذي . ثانياً : أما بالنسبة للزاني فإنه قد يعاقب في أهله ، وقد روي في ذلك حديث لكنه موضوع ، وقد يصح معناه ، وقد ذكرناه مع التعليق عليه في جواب السؤال رقم ( 22769 ) فليراجع . والله أعلم.




أحدث أقدم