بين الزوجين

 




تتهمه بالبخل ويتهمها بالإسراف

من أعظم حقوق الزوجة على زوجها أن ينفق عليها ، ونفقته عليها من أعظم القرب والطاعات التي يعملها العبد ، والنفقة تشمل : الطعام والشراب والملبس والمسكن ، وسائر ما تحتاج إليه الزوجة لإقامة مهجتها ، وقوام بدنها . وبالنسبة لما ذكرت من أن زوجتك تشكو من تقصيرك في نفقتها ، فقد أخبر الله عز وجل أن الرجال هم المنفقون على النساء ، ولذلك كانت لهم القوامة والفضل عليهن بسبب الإنفاق عليهن بالمهر والنفقة ، فقال تبارك وتعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) ، وقد دل على وجوب هذه النفقة : الكتاب والسنة الصحيحة وإجماع أهل العلم . أما أدلة الكتاب : فمنها قوله تعالى : ومنها قوله تعالى : ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها ) ، ومنها قوله تعالى : ( وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) . وأما أدلة السنة ، فقد وردت أحاديث كثيرة تفيد وجوب نفقة الزوج على أهله وعياله ، ومن تحت ولايته ، كما ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع : " اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ، أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن ، وكسوتهن بالمعروف " رواه مسلم 8/183 . وعن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع : " أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ . " وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ يَعْنِي أَسْرَى فِي أَيْدِيكُمْ . رواه الترمذي 1163 وابن ماجة 1851 وقال الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وفي حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، ما حق زوجة أحدنا علينا ؟ قال : أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تقبح الوجه ، ولا تضرب " رواه أبو داود 2/244 وابن ماجه 1850 وأحمد 4/446 . قال الإمام البغوي : قال الخطابي : في هذا إيجاب النفقة والكسوة لها ، وهو على قدر وسع الزوج ، وإذا جعله النبي صلى الله عليه وسلم حقاً لها فهو لازم حضر أو غاب ، فإن لم يجد في وقته كان دينا عليه كسائر الحقوق الواجبة ، سواء فرض لها القاضي عليه أيام غيبته ، أو لم يفرض . أ.هـ وعن وهب قال : إن مولى لعبد الله بن عمرو قال له : إني أريد أن أقيم هذا الشهر هاهنا ببيت المقدس ، فقال له : تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر ؟ قال : لا ، قال : فارجع إلى أهلك فاترك لهم ما يقوتهم ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت " رواه أحمد 2/160 وأبو داود 1692 . وأصله في مسلم 245 بلفظ : " كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته " . وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيّع ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " رواه ابن حبان وحسنه في صحيح الجامع 1774 . وجاء من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والله لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره ، فيبيعه ويستغني به ، ويتصدق منه خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله ، يؤتيه أو يمنعه ، وذلك أن اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول " رواه مسلم 3/96 . وفي رواية عند أحمد 2/524 : فقيل : من أعول يا رسول الله ؟ قال : امرأتك ممن تعول " . وأما إجماع أهل العلم : فقال الإمام الموفق ابن قدامة رحمه الله في المغني 7/564 : اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين إلا الناشز منهن ذكره ابن المنذر وغيره . وما سبق من النصوص الشرعية يدل على وجوب نفقة الرجل على أهل بيته والقيام بمصالحهم ورعايتهم ، وقد ثبتت أحاديث متكاثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تفيد فضل هذا وأنه من الأعمال الصالحة عند الله تعالى ، كما جاء في حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أنفق المسلم نفقة على أهله ، وهو يحتسبها ، كانت صدقة له " رواه البخاري 1/136 ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح 9/498 : النفقة على الأهل واجبة بالإجماع ، وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه ، وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر ، فعرفهم أنها لهم صدقة حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم ، ترغيباً لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوع أ.هـ وفي حديث سعد بن مالك رضي الله عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " إنك مهما أنفقت على أهلك من نفقة فإنك تؤجر ، حتى اللقمة تضعها ترفعها إلى في امرأتك " رواه البخاري 3/164 ومسلم 1628 . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " دينار تنفقه في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ـ أي في عتقها ـ ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك " رواه مسلم 2/692 . وجاء في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل ، فرأى أصحابه من جلده ونشاطه ما أعجبهم ، فقالوا : يا رسول الله ، لو كان هذا في سبيل الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كان خرج يسعى على أولاده صغاراً فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان " رواه الطبراني ، صحيح الجامع 2/8 . وقد فقه السلف رحمه الله تعالى هذا الواجب حق الفهم ، وظهر في عباراتهم ، وما أعظم ما قال الإمام الرباني عبد الله بن المبارك رحمه الله حيث قال : لا يقع موقع الكسب على شيء ، ولا الجهاد في سبيل الله . السير : 8/399 . ومن جهة أخرى فعلى زوجتك أن تعلم أن إنفاق الزوج إنما هو بحسب إمكانياته ووضعه المادي ، كما قال تعالى : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً ) فلا يحق لها أن تتعنت في معاملة زوجها بكثرة طلباتها وإرهاقه في النفقة عليها ، فإن ذلك من سوء العشرة . ولعلك إذا استجبت لها في طلباتها المعقولة وذكّرتها دون منّة ولا إيذاء بما وفّيت لها من الطلبات تتمكّن من امتصاص بعض فورتها وإقناعها بالكفّ عن المزيد من المطالبات ، وكذلك المناقشة الهادئة - دون مراء - في درجة أهمية بعض ما تطلبه وأن توفير هذا المبلغ لأمر أهم كدفع إيجار البيت ونحو ذلك يُمكن أن يُؤدي إلى اقتناعها بالتنازل عن طلبها . واعلم بأن كثيرا من النّقص المادي يُعوّض بالكلام الطيّب والوعد الحسنُ ولمّا ذكر الله تعالى في كتابه إيتاء ذوي القربى وصلتهم بالمال ذكر عزّ وجلّ تصرّف الإنسان الذي لا يجد ما يصل به أقاربه فقال سبحانه : (وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُورًا (28) الإسراء ، قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية : وقوله: "وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك" الآية : " أي إذا سألك أقاربك ومن أمرناك بإعطائهم وليس عندك شيء وأعرضت عنهم لفقد النفقة "فقل لهم قولا ميسورا" أي عدهم وعدا بسهولة ولين إذا جاء رزق الله فسنصلكم إن شاء الله ." واعلم بأن حسن الخُلق يُنسيها ما أنت فيه من الضائقة فعليك بالصبر والمعاملة الحسنة مع تكرار نصحها ودعوتها ، فإن عسرت المعيشة وازداد الوضع سوءاً بينكما حتى وصل إلى طريق مسدود ولم تُفلح جهودك في درء الشرّ وصارت الحياة لا تُطاق فإن الله تعالى قد شرع الطلاق في مثل هذه الحال وقد يكون فيه خير للطرفين كما قال تعالى : ( وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته ، وكان الله واسعاً عليماً ).

الكلام الجنسي بين الزوجين على الهاتف

لا بأس ، نعم يجوز هذا . سؤال : ولو كان باستعمال اليد . الجواب : استعمال اليد فيه نظر ، ولا يجوز إلا إذا خاف على نفسه الزنا . سؤال : وبدون استعمال اليد لا مانع . الجواب : نعم بدون استعمال اليد لا مانع ، يتصور أنه معها لا بأس في ذلك . أهـ وينبغي عليهما الانتباه إلى أنه لا أحد يسمع كلامهما أو يتجسس عليهما ، والله أعلم .

الاستمناء بيد الزوجة

ليس الاستمناء بيد الزوجة حراما بل هو حلال لأنّه من الاستمتاع بالزوجة الذي أباحه الله ولأنّ الله تعالى قال : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) سورة المؤمنون .

لا ينبغي اعتبار كون المرأة أكبر من الرجل مانعاً من الزواج

الكبر لا يضر ، ولا حرج أن تكون المرأة أكبر ، ولا حرج أن يكون الزوج أكبر ، فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وهي بنت أربعين وهو ابن خمس وعشرين ، والذي ينبغي للرجل أن يعتني بالمرأة الصالحة ذات الدين ولو كانت أكبر منه إذا كانت في سن الشباب وسن الإنجاب ، فالحاصل أن السن لا ينبغي أن يكون عذراً ولا ينبغي أن يكون عيباً ما دام الرجل صالحاً والفتاة صالحة أصلح الله حال الجميع . باختصار من فتوى الشيخ ابن باز كتاب فتاوى إسلامية ج/3 ص/107

ذكر اسم الزوج أو الزوجة عند الناس

ثبت عن بعض الصحابيات أنهن كن يذكرن أزواجهن بالكنية ومن أمثلته : عن عون أبي جحيفة قال : آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها ما شأنك قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال كل قال فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال نم فنام ثم ذهب يقوم فقال نم فلما كان من آخر الليل قال سلمان قم الآن فصليا فقال له سلمان إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق سلمان . رواه البخاري ( 1832 ) . ومنه : عن فاطمة بنت قيس قالت : أرسل إليَّ زوجي أبو عمرو بن حفص بن المغيرة عياش بن أبي ربيعة بطلاقي وأرسل معه بخمسة آصع تمر وخمسة آصع شعير ، فقلت : أما لي نفقة إلا هذا ولا أعتد في منزلكم ؟ قال : لا ، قالت : فشددت عليَّ ثيابي وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كم طلقك ؟ قلت : ثلاثا ، : قال صدق ليس لك نفقة … رواه مسلم ( 2721 ) . ثانياً : وأما ذكر المرأة زوجها باسمه فلا حرج فيه أيضاً ، ومن أمثلته : عن زينب امرأة عبد الله ( أي : ابن مسعود ) قالت : كنت في المسجد فرأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : تصدقن ولو من حليكن ، وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام في حجرها ، قال : فقالت لعبد الله : سل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيجزي عني أن أنفق عليك وعلى أيتام في حجري من الصدقة ؟ فقال : سلي أنتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت امرأة من الأنصار على الباب حاجتها مثل حاجتي فمر علينا بلال فقلنا : سل النبي صلى الله عليه وسلم أيجزي عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري ؟ وقلنا لا تخبر بنا ، فدخل فسأله فقال : من هما ؟ قال : زينب قال : أي الزيانب ؟ قال : امرأة عبد الله ، قال : نعم ، لها أجران ، أجر القرابة وأجر الصدقة . رواه البخاري ( 1373 ) ومسلم ( 1667 ) . ومنه : عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة قالت : ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت ، فجئتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكو إليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجادلني فيه ويقول اتقي الله فإنه ابن عمك فما برحت حتى نزل القرآن قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها …... رواه أبو داود ( 1893 ) وصححه ابن حبان والحاكم . انظر " خلاصة البدر المنير " ( 2 / 229 ) . ثالثاً : أما إيراد اسم الزوج أو الزوجة عند الناس فإن ذلك راجع إلى عرف الناس في هذا المجتمع ، فبعض المجتمعات تستنكر فعل ذلك ، بل إن بعضهم قد يعُدُّ ذلك من قلَّة الغيرة ، وفي حديث ابن مسعود السابق ذَكر بلالٌ رضي الله عنه اسمَ امرأة ابن مسعود باسمها ( زينب ) ، فإذا كانت المرأة مشهورة باسمها فلا حرج على غير الزوج أن يذكرها به فكيف بالزوج ؟ والأفضل أن تذكر الكنية بدلاً من الاسم في بعض المجتمعات ، أو أمام بعض الناس ، وحصل كثير من المشكلات من وراء مثل هذا التهاون في ذكر ذلك . والله الموفق.

تخيل الجماع بين الزوجين

نعم يجوز لكلا الزوجين أن يفكر كلٌ منهما في الآخر ، ولكن لابد من بيان أمور مهمة في هذه المسألة : 1- على المسلم أن لا يبتعد عن زوجته أكثر من ستة أشهر كما وقَّت ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما رواه عنه عبد الرزاق في " مصنفه " ( 7 / 152 ) . وإذا غاب المسلم أكثر من ذلك كان مظنة الوقوع في الفتنة لكل منهما ومظنة وسوسة الشيطان . وقد يؤدي هذا التفكير إلى محاذير ، فقد يُثار الإنسان بعد هذا التفكير ويحتاج إلى أن يفرغ شهوته ، وقد يجره هذا إلى الوقوع في الحرام - والعياذ بالله – ، والشهوة سلطان على عقل الإنسان ، وقد يجره هذا إلى النظر إلى الصور أو المحرمات . 2- وعلى المسلم أن يكسر سلطان الشهوة بالصوم وغض البصر وتجنب الفتن أو التعرض لها ، وعليه أن يتقي الله كما قال تعالى : ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين البقرة / 168 . 3- ومن المسائل المتعلقة بهذا الموضوع : أنه لا يجوز للمرأة أن تصف امرأةً أجنبية لزوجها حتى لا يتخيلها فكأنه ينظر إليها . عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنما ينظر إليها " . رواه البخاري ( 4942 ) . والله أعلم .

ما هي حدود تدخل أقارب الزوج في حياة زوجته

لا يجب على الزوجة أن تطيع أحداً من أحمائها سواء والد الزوج أو والدته أو إخوته أو أخواته في أي شيء كان قل أو كثر ، اللهم إلا أن يكون أمراً بواجب شرعي أو نهياً عن محرم فهذا تجب فيه الطاعة سواء كان من القريب أو البعيد أو الحمو أو غيره . أما الزوج فطاعته واجبة بالمعروف لقوله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم . . . النساء / 34 . قال ابن كثير رحمه الله وهو يذكر بعض حقوق ا لزوج على زوجته : إن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته وحرَّم عليها معصيته لما له عليها من الفضل والإفضال اهـ . تفسير ابن كثير (1/493) . ولا يجوز لأحد من احمائك أن يدخل غرفتك إلا بإذنك ، لقول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلِّموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون النور / 27 . فإن دخل أحد منهم بعد إذنك ولم يكن من محارمك – كأخي الزوج - فإنه لا بد من وجود محرم لك ، حتى لا يكون هناك خلوة محرمة بينكما ، مع التزامك بالحجاب الشرعي الكامل ، والأمن من وقوع الفتنة . ومع كل هذه الشروط يبقى عدم دخوله عليك في غرفتك أفضل ، وأطهر للقلب ، وأبعد عن الريبة . قال الله تعالى : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) الأحزاب / 53 . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ : الْحَمْوُ الْمَوْتُ ) رواه البخاري (5232) ومسلم (2172) . قال النووي رحمه الله : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الْحَمو الْمَوْت ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْخَوْف مِنْهُ أَكْثَر مِنْ غَيْره , وَالشَّرّ يُتَوَقَّع مِنْهُ , وَالْفِتْنَة أَكْثَر لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُول إِلَى الْمَرْأَة وَالْخَلْوَة مِنْ غَيْر أَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ , بِخِلَافِ الأَجْنَبِيّ . وَالْمُرَاد بِالْحَمْوِ هُنَا أَقَارِب الزَّوْج غَيْر آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ . فَأَمَّا الآبَاء وَالأَبْنَاء فَمَحَارِم لِزَوْجَتِهِ تَجُوز لَهُمْ الْخَلْوَة بِهَا , وَلا يُوصَفُونَ بِالْمَوْتِ , وَإِنَّمَا الْمُرَاد الأَخ , وَابْن الأَخ , وَالْعَمّ , وَابْنه , وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ . وَعَادَة النَّاس الْمُسَاهَلَة فِيهِ , وَيَخْلُو بِامْرَأَةِ أَخِيهِ , فَهَذَا هُوَ الْمَوْت , وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الأَجْنَبِيّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ اهـ . وليس لهم أن يجبروك على شيء مما ذكرتيه من طهو طعام أو ما يتعلق بملبسك أو غير ذلك كالوظيفة والتعليم . . . إلخ إلا من باب النصيحة والعشرة الحسنة لا من باب الإجبار . ولا يجوز لهم أن يتدخلوا في خصوصياتك أنت وزوجك ، ولكن إن أقنعوا زوجك بألا تخرجا للفسحة المباحة وأمرك زوجك بالبقاء في البيت فأطيعي زوجك واصبري واحتسبي . ولا يلزمك أن تستأذني أحداً منهم لزيارة أهلك ، وليس ذلك من حقهم . والواجب عليك هو استئذان زوجك ، فإن أذن لك فلا يجب عليك أن تستأذني أحداً منهم . وليس لهم الحق في معرفة تفاصيل حياتكما ، ولا يجوز لزوجك أن يخبرهم بما يكون بينك وبينه من أسرار الاستمتاع . ويجب على زوجك أن يبر والديه . وعليك أن تكوني عوناً له على ذلك ، ولا تكوني سبباً لحصول القطيعة بينه وبينهم . وستجدين عاقبة ذلك في أولادك إن شاء الله تعالى . ولتكن زيارة زوجك لوالديه على حسب الحاجة والمصلحة ، فقد يطرأ على الأبوين ما يحتاجان معه إلى كثرة زيارة ولدهما لهما كالمرض ونحوه . فعلى زوجك مراعاة ذلك . وأما خدمتك لهم والقيام بأعمال المنزل فلا يجب عليك ذلك . لكن إن فعلتيه إحساناً إليهما ، وإرضاءً لزوجك ، كان هذا خيرا ، ولك أجر ذلك إن شاء الله تعالى وهذا مما يرفع درجتك عند زوجك وأهله في الدنيا ، وترتفعين به في الآخرة كذلك إن شاء الله . وأما الاستقلال بالسكن فيجب على زوجك أن يؤمِّن لكِ المسكن الذي تستقلين فيه ، ولكن لا بأس أن يسكن والداه معكما في مسكن واحد يجمعكم إذا كان في البيت سعة ، ولم يكن في ذلك ضرر عليك . وأما كون حياتكما ستكون تحت المجهر فهذا ليس من حق والديه أن يكونا متسلطين عليكما ، وحاولي التفاهم مع زوجك بالحسنى ، فإن استطاع أن يحسم الأمر وإلا فلا بأس أن تكلمي أهله بالحكمة والخطاب الرشيد ، فإن لم يستجيبوا ودام الحال على ذلك فاصبري واحتسبي الأجر عند الله . وأما مصافحتك للرجال من غير محارمك فحرام ، فلا تطيعي أحداً في ذلك ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . للمزيد عن حكم مصافحة الأجنبية يراجع سؤال رقم ( 21183 ) ولا يحل لزوجك أن يذهب إلى الأعراس التي فيها الصخب والمعاصي . وللمزيد يراجع سؤال رقم ( 10957 ) وأخيراً . . النصيحة للأزواج أن يبروا آباءهم بالمعروف ولا يطيعوهم إذا تعدوا حدود الله ولا يعينوهم على الظلم ومن ذلك ظلم زوجات الأبناء وعليهم أن يجادلوهم بالحسنى ، وألا يحولوا بينهم وبين طاعة الله تعالى ، ويجب أن يكونوا جريئين في الحق ، وأن يواجهوا الذين يقفون بينهم وبين تطبيقهم لشرع الله تعالى في بيوتهم ؛ لأن المسلم لا يرى سلطاناً لأحد عليه إلا القرآن والسنة ، وأن يحترزوا ممن يدعونهم إلى المعاصي . وإذا رأي الزوج أن المصلحة الشرعية تقتضي أن يباعد بين بيت زوجته ويبت أهله فلا حرج عليه أن يفعل ذلك . ولتتسع أخلاقنا وصدورنا ويتحمل بعضنا البعض ولا ننسى الفضل بيننا ، وأن نأتمر بالمعروف ونصبر وندفع الإساءة بالإحسان ونقول التي هي أحسن لعباد الله حتى نلقى الله . والله المسئول أن يصلح أحوال الجميع ، وصلى الله عليه نبينا محمد .

نشر أسرار الزوجية ، والزواج بنية الطلاق

أولاً : يجب على الزوجين حفظ أسرار الزوجية وخاصة ما يتعلق بالجماع والفراش ، فهي أمينة على أسراره وهو أمين على أسرارها . عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الرجال فقال : هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله ؟ قالوا : نعم ، قال : ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلتُ كذا ، فعلتُ كذا ؟ قال : فسكتوا ، قال : فأقبل على النساء ، فقال : هل منكن من تحدث ؟ فسكتنَ ، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها فقالت : يا رسول الله إنهم ليتحدثون ، وإنهن ليتحدثنه ، فقال : هل تدرون ما مثل ذلك ؟ فقال : إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيتْ شيطاناً في السكة فقضى منها حاجته والناس ينظرون إليه . رواه أبو داود ( 2174 ) . وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 7037 ) . ثانياً : وأما زواج زوجك فإن كان ذلك لغرض " التغير " كما تقولين فهذا هو " الزواج بنية الطلاق " وهو غش للمرأة وأوليائها . قال الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله - : هذا وإن تشديد علماء السلف والخلف في منع " المتعة " يقتضي منع النكاح بنية الطلاق ، وإن كان الفقهاء يقولون إن عقد النكاح يكون صحيحاً إذا نوى الزوج التوقيت ولم يشترطه في صيغة العقد ، ولكن كتمانه إياه يعد خداعاً وغشّاً ، وهو أجدر بالبطلان من العقد الذي يشترط فيه التوقيت الذي يكون بالتراضي بين الزوج والمرأة ووليها ، ولا يكون فيه من المفسدة إلا العبث بهذه الرابطة العظيمة التي هي أعظم الروابط البشرية ، وإيثار التنقل في مراتع الشهوات بين الذواقين والذواقات ، وما يترتب على ذلك من المنكرات ، وما لا يشترط فيه ذلك يكون على اشتماله على ذلك غشّاً وخداعاً تترتب عليه مفاسدَ أخرى من العداوة والبغضاء وذهاب الثقة حتى بالصادقين الذين يريدون بالزواج حقيقته وهو إحصان كل من الزوجين للآخر وإخلاصه له ، وتعاونهما على تأسيس بيت صالح من بيوت الأمة. نقلاً عن " فقه السنَّة " للسيد سابق ( 2 / 39 ) . وللشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – كلام مشابه في تحريم هذا الزواج . قال – رحمه الله - : ثم إن هذا القول – أي : القول بالجواز - قد يستغله ضعفاء الإيمان لأغراض سيئة كما سمعنا أن بعض الناس صاروا يذهبون في العطلة أي في الإجازة من الدروس إلى بلاد أخرى ليتزوجوا فقط بنية الطلاق ، وحكي لي أن بعضهم يتزوج عدة زواجات في هذه الإجازة فقط ، فكأنهم ذهبوا ليقضوا وطرهم الذي يشبه أن يكون زنى والعياذ بالله . ومن أجل هذا نرى أنه حتى لو قيل بالجواز فإنه لا ينبغي أن يفتح الباب لأنه صار ذريعة إلى ما ذكرت لك. أما رأيي في ذلك فإني أقول : عقد النكاح من حيث هو عقد صحيح ، لكن فيه غش وخداع ، فهو يحرم من هذه الناحية . والغش والخداع هو أن الزوجة ووليها لو علما بنية هذا الزوج ، وأن من نيته أن يستمتع بها ثم يطلقها ما زوَّجوه ، فيكون في هذا غش وخداع لهم . فإن بيَّن لهم أنه يريد أن تبقى معه مدة بقائه في هذا البلد ، واتفقوا على ذلك : صار نكاحه متعة . لذلك أرى أنه حرام ، لكن لو أن أحداً تجرَّأ ففعل : فإن النكاح صحيح مع الإثم . أما لو كان زوجك بنية الاستمرار في الزواج وليس عنده نية الطلاق ، غير أنه يحدث ما يكون سبباً للطلاق فهذا لا حرج عليه فيه . ثالثاً : وأما زواجه بطريقة سرية فإن كان ذلك بحضور ولي المرأة والشاهدين وتم العقد على ذلك فالعقد صحيح ، وأما إذا كان ذلك يتم من غير ولي المرأة أو من غير حضور شاهدين فالعقد غير صحيح . رابعاً : ننصح زوجك أن يتقي الله عز وجل في أهله ، وأن يتقيه في أعراض الناس ، وليعلم أنه لا يحل له مثل هذا العبث ، فالزواج مودة وسكن ورحمة ، فلا ينبغي جعله فقط لأجل قضاء الشهوة ثم تُترك المرأة في حسرتها . كما ننصحك أن تتلطفي في الإنكار على زوجك ، وأن تحافظي على استقرار البيت ، وأن تتحري في صحة ما ذكرتيه عنه من مقاصده ونيته في تعدد زواجه وما لم يعجبك منه ، واعلمي أن غيرة المرأة من وجود من يشاركها في زوجها قد تدعوها لتضخيم بعض ما يكون يسيراً ، وقد تساعد وساوس الشيطان في ذلك من أجل زعزعة استقرار الأسر المسلمة . فانظري إلى الأمر بشيء من التعقل خاصة في مسألة نيته التي ليس لك إطلاع عليها ، واسألي الله أن يريك الأمر على حقيقته واستخيري ربك في الاستمرار معه أو طلب الفراق منه ، وتأملي حالك إن تم الطلاق وما سيوؤل إليه حتى تعلمي هل الأفضل لك الفراق أم البقاء مع الصبر ، فإن تعذر عليك القدرة على تحمله بسبب ما ذكرتيه فإن لك طلب الفراق منه . والله أعلم .

إيلاج الاصبع في الدبر

يجوز لكل من الزوجين أن يستمتع بجميع بدن الآخر، وأن ينظر إليه ويمسه حتى الفرج ، قال الله تعالى : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) البقرة /187 .‏ وأما مداعبة الزوج لزوجته فهو واحد من أمرين : إما أن يكون ذلك عن طريق ملامسة حلقة الدبر ، وإما أن يكون عن طريق إيلاج الإصبع في الاست . فأما عن الملامسة لحلقة الدبر بالإصبع فلا حرج في ذلك ، ولكن البعد عن ذلك أولى لعدم الانسياق لما وراءه . وأما عن إيلاج الإصبع في الدبر فيمنع ، وذلك لأمور : 1- الدبر هو محل النجاسة المغلظة . 2- من علل منع الوطء في الدبر ملاقاة العضو للنجاسة المغلظة ، وكذلك إدخال الاصبع فيه ملامسة لعين النجاسة المغلظة بغير حاجة . 3- إن هذا الفعل مما تأنف منه الفطر السليمة والأذواق المستقيمة ، وإنما هو تقليد أعمى لمن انتكست فطرهم ، وتبلدت ‏أذواقهم ، وجعلوا كل همهم إشباع شهوتهم الحيوانية غير مراعين أدباً ولا خلقاً ولا ‏طهارة . فأراهم هواهم حسناً ما ليس بالحسن . 4- إن ‏استمرار ذلك الفعل والمداومة عليه قد يجر الفاعل إلى ما هو أشنع وهو الوطء في ‏الدبر، وتلك عادة من يتبع هواه في كل ما ‏يزينه له فإنه يتدرج لإيقاعه في الأمور العظام بتزيين ما هو أخف ، ثم الانتقال ‏به شيئاً فشيئاً حتى يوبقه ويقع في اللوطية الصغرى ( وطء المرأة في دبرها ) ،‏ وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك مثلاً جلياً جليلاً فقال : " إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " مسلم (4094) 5- إن فيما شرع الله تعالى من الاتصال بين الزوجين غنى عن غيره ، ولم ينه الله تعالى عن شيء إلا وفيه ضرر . وليعلم السائل أنه من تمام حكمة الله تعالى أنه إذا حرَّم شيئا ( الوطء في الدبر ) حرَّم الأسباب المفضية إليه لما يؤدي إليه الوقوع في أسباب ومقدمات المحرَّم من تمكُّن تعلُّق القلب به بصورة تجعل الإنسان يعيش صراعا نفسيا قويا بين الوقوع في المنكر أو عذاب النفس بالوقوف في وسط الطريق فلا هو بالتارك للمحرم السليم القلب بالبعد عنه ، ولا هو بالواقع فيه المحقق لرغبة النفس الأمَّارة بالسوء ، والغالب في حال مثل هذا أن يقع فيما ظنَّ أنه لن يقع فيه من الكبائر المهلكة للإنسان المفسدة عليه أمر دينه ودنياه المنغِّصة عليه حياته الماحقة للبركة في ماله وولده جزاءً وفاقاً لبعده عن ربه وانتهاكه لحرماته واستهانته بمقام نظره إليه واطِّلاعه على حاله ، والعاقل من الناس هو من لا يتساهل في أمور تؤدي به إلى كوارث حقيقية في دينه الذي هو رأس ماله قبل دنياه . فعلى المسلم أن يدرك حقائق الأمور وما تؤدِّي إليه ، وألا ينساق وراء تزيين الشيطان له وتهوين المنكرات أمام عينيه ليجرَّه ليكون من حزبه الخاسرين ، وعليه أن يتقي الله ربَّه في السر والعلن وأن يعلم بأن الله سبحانه يراه ويعلم نواياه وأفعاله . كما قال تعالى : ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) غافر / 19 ، وليعلم أن ما عند الله خير وأبقى وأن الآخرة وما فيها من نعيم خير له من الأولى وأن عاقبة الصبر عن المنكر جنة عرضها السماوات والأرض فيها ما تشتهييه الأنفس من المُتع التامَّة الخالية عن المنغِّصات . والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد .

من صور الاستمتاع المستقذرة

يباح للرجل أن يستمتع بزوجته كيفما شاء ، إذا اتقى الوطء في الحيض ، والوطء في الدبر ، لما روى مسلم (302) عن أنس : أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى : ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض . . . إلى آخر الآية) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) فبلغ ذلك اليهود فقالوا : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه . وروى الترمذي (135) وأبو داود (3904) وابن ماجة (639) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" وصححه الألباني في صحيح الترمذي . وروى أحمد (9731) وأبو داود (2162) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ملعون من أتى امرأته في دبرها" والحديث حسنه شعيب الأرناؤوط في تحقيق المسند والألباني في صحيح أبي داود . وأما وضع الإصبع في الدبر فأقل أحواله الكراهة ، لما فيه من مباشرة النجاسة والقذارة ، ولما قد يفضي إليه من الوقوع في الحرام البين الذي هو الوطء في الدبر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ) . رواه البخاري (52) ومسلم (1599). ومما يؤكد ما سبق من الكراهة ، أن العلماء عللوا حرمة الوطء في الدبر بوجود الأذى ، قال ابن قدامة رحمه الله : ( لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر , فهو مخصوص بذلك , ولأنه حرم لأجل الأذى , وذلك مخصوص بالدبر) المغني 7/226 وإدخال الإصبع في الدبر تتحقق معه هذه العلة ولا شك . وفيما أحل الله تعالى مما ليس فيه شبهة غنية وكفاية . والله أعلم .

زوجها ضعيف فهل تضع له الدواء في الطعام بدون علمه

ليس لها ذلك وإن لم تتحمل يجوز لها طلب الطلاق .

جواز لبس القصير والشفاف والضيق من اللباس للأزواج بعضهم لبعض

أولاً: الأصل : أن تتزين المرأة لزوجها ، ويتزين لها ، كلٌّ بما يباح لهما من اللباس ، والطيب ، وغير ذلك . قال تعالى : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) البقرة/ من الآية 228 . قال القرطبي – رحمه الله - : قوله تعالى : ( وَلَهُنَّ ) أي : لهنَّ من حقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن ، ولهذا قال ابن عباس : " إني لأتزينُ لامرأتي كما تتزين لي ، وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها ، فتستوجب حقَّها الذي لها عليَّ ؛ لأن الله تعالى قال : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) " أي : زينة من غير مأثم . " تفسير القرطبي " ( 3 / 123 ) . ثانياً: والأصل – كذلك - : أنه يجوز أن تلبس المرأة أمام زوجها ما تبين به عورتها ، والزوج كذلك ؛ لأن الأمر بحفظ العورة لا يدخل فيه ما بين الأزواج بعضهم مع بعض ، ولا ما بين الأزواج وملك يمينهم . عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيّ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ : عَوْرَاتُنَا مَا نَأتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ ؟ قَالَ ‏:‏ ( احْفَظْ عَوْرَتَكَ إلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ‏) قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ ، قَالَ : ( إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا ) ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِياً ، قَالَ : ( اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ ) . رواه الترمذي ( 2794 ) وأبو داود ( 4017 ) وابن ماجه ( 1920 ) ، وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " . ثالثاً: وعليه : فهل يجوز للزوجة أن تلبس لزوجها القصير من الثياب ، والشفاف الذي يشف ، والضيق الذي يصف ؟ والجواب : نعم ، يجوز ذلك ، ومثله لبس الزوج لها مثل ذلك ، وحيث جاز لكلا الطرفين أن يرى الآخر عارياً : فإنه لا وجه لمنع تلك الأحوال من الثياب – القصيرة ، والشفافة ، والضيقة - . وهذه فتاوى أهل العلم في هذا : 1. سئل علماء اللجنة الدائمة : هل لبس المرأة الثوب الشوال الضيِّق حرام أم لا ، علماً أنها تقصد بذلك التجمل لزوجها فقط ؟ . فأجابوا : إذا كانت المرأة تستعمل ذلك عند زوجها فقط : فلا بأس ، وإلا فلا يجوز ؛ لما فيه من تحديد الجسم في الغالب ، وإبراز مفاتن المرأة . الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 24 / 34 ) . 2. وفي " الموسوعة الفقهية " ( 6 / 136 ) : لا يجوز لبس الرقيق من الثياب إذا كان يشفُّ عن العورة ، فيُعلم لون الجلد من بياض ، أو حمرة ، سواء في ذلك الرجل ، والمرأة ولو في بيتها ، هذا إن رآها غير زوجها ؛ لما يأتي من الأدلة ، وهو بالإضافة إلى ذلك : مخل بالمروءة ، ولمخالفته لزي السلف ، ولا تصح الصلاة في مثل تلك الثياب ، ويجوز للمرأة لبسه إذا كان لا يراها إلا زوجها . انتهى 3. وقال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - : لا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ، ومحارمها ، ولا تكشف عندهم إلا ما جرت به العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة ، وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط . " المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان " ( 3 / 170 ) . 4. وقال الشيخ صالح الفوزان أيضاً : لا شك أن لبس المرأة للشيء الضيِّق الذي يبيِّن مفاتن جسمها : لا يجوز ، إلا عند زوجها فقط ، أما عند غير زوجها : فلا يجوز ، حتى لو كان بحضرة النساء ؛ لأنَّها تكون قدوة سيئة لغيرها ، إذا رأينها تلبس هذا : يقتدين بها . وأيضاً : هي مأمورة بستر عورتها بالضافي والساتر عن كل أحد ، إلا عن زوجها ، تستر عورتها عن النساء كما تسترها عن الرجال ، إلا ما جرت العادة بكشفه عن النساء ، كالوجه واليدين والقدمين ، مما تدعو الحاجة إلى كشفه . " المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان " ( 3 / 176 ، 177 ) . رابعاً: وينبغي مراعاة الأحكام الشرعية الأخرى المتعلقة بذلك اللباس القصير ، والشفاف ، والضيق ، لكلا الزوجين . 1. فلا يجوز للرجل لبس الثياب الطويلة التي تمس الكعبين ؛ للنهي عن الإسبال . 2. ولا يجوز له لبس الثوب الأحمر ، المزعفر ، والمعصفر ، ويجوز ذلك للزوجة . 3. ولا يحل له لبس اللباس المصنوع من الحرير الطبيعي ، دون الحرير الصناعي . 4. ولا المصنوع من جلود الحيوانات غير مأكولة اللحم ولو كانت مدبوغة . 4. ولا يحل لهما لبس ثياب الكفار الخاصة بهم . 5. ولا يجوز لبس الزوجة لما يختص به الرجال من لباس ، كلبس الثوب والشماغ ، ولا يجوز للزوج لبس اللباس الخاص بالنساء كالفستان ، والتنورة . والله أعلم

كذب المرأة لإرضاء زوجها

أمّا ما سألت عنه من الكذب لإرضاء زوجك ، وحماية مشاعره ، فلا حرج عليك في ذلك ؛ لقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : (لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا) . أخرجه البخاريّ (2692) . وفي رواية مسلم : (لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِى خَيْرًا) . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : (وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ في شيء مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلاَّ في ثَلاَثٍ : الْحَرْبُ ، وَالإِصْلاَحُ بَيْنَ النَّاسِ ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ ، وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا) . قال الشّيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين (1/1790) عند شرح هذا الحديث : "كذلك من المصلحة : حديث الرجل زوجته ، وحديث المرأة زوجها فيما يوجب الألفة والمودّة ، مثل أن يقول لها : أنت عندي غالية ، وأنت أحبّ إليّ من سائر النساء ، وما أشبه ذلك ، وإن كان كاذبًا ، لكن من أجل إلقاء المودّة ، والمصلحة تقتضي هذا" انتهى .




أحدث أقدم