أثناء العقد




هل يصح العقد من غير حضور المأذون؟

إذا حصل الإيجاب من وليّ المرأة بقوله مثلا: زوّجتك ابنتي ، وحصل القَبول من الخاطب بقوله مثلا: قبلت أو رضيت ، وكان ذلك بحضور شاهدين ، وكانت المرأة محلا للنكاح (ليس بها مانع يوجب تحريم العقد عليها ): فيصحّ العقد عند ذلك شرعًا ولو لم يكن في المحكمة ولو لم يحضره القاضي أو المأذون أو إمام المسجد . والله أعلم

عقد النكاح إذا لم يُشهدا عليه يُعاد بوليّ وشاهدين

قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا نكاح إلا بوليّ وشاهدين " . حديث صحيح بشواهده : إرواء الغليل رقم 1858 قال الإمام الترمذي رحمه الله : وَالصَّحِيحُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ لا نِكَاحَ إِلا بِبَيِّنَةٍ .. وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا لا نِكَاحَ إِلا بِشُهُودٍ .. جامع الترمذي 4/235 فإذا لم يلتزم المعنيان بالسؤال ذلك فعليهما إعادة العقد بالوليّ والشاهدين . والله أعلم .

اشتراط الأب شيئا لنفسه مع المهر عند عقد النكاح

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى : مَسْأَلَةٌ : وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا ، وَأَلْفٍ لأَبِيهَا ، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ .. وَجُمْلَةُ الأَمْرِ أَنَّهُ يَجُوزُ لأَبِي الْمَرْأَةِ أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِ ابْنَتِهِ لِنَفْسِهِ . وَبِهَذَا قَالَ إسْحَاقُ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ ، أَنَّهُ لَمَّا زَوَّجَ ابْنَتَهُ ، اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ عَشَرَةَ آلافٍ ، فَجَعَلَهَا فِي الْحَجِّ وَالْمَسَاكِينِ ، ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ : جَهِّزْ امْرَأَتَك . وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ . وَقَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ : يَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ .. لأَنَّ الْمَهْرَ لا يَجِبُ إلا لِلزَّوْجَةِ , لأَنَّهُ عِوَضُ بُضْعِهَا .. وَلَنَا ( أي ودليلنا ) قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى , فِي قِصَّةِ شُعَيْبٍ عليه السلام إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَجَعَلَ الصَّدَاقَ الإِجَارَةَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمِهِ ، وَهُوَ شَرْطٌ لِنَفْسِهِ ، وَلأَنَّ لِلْوَالِدِ الأَخْذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه السلام أَنْتَ وَمَالُك لأَبِيكَ وَقَوْلِهِ : إنَّ أَوْلادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد ، وَنَحْوَهُ الترمذي وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ ، فَإِذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ ، يَكُونُ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ ، وَلَهُ ذَلِكَ .. فَإِنَّ لِلأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مَا شَاءَ ، وَيَتْرُكَ مَا شَاءَ ، وَإِذَا مَلَكَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ، فَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ .. وَيُشْتَرَطُ أَنْ لا يَكُونَ ذَلِكَ مُجْحِفًا بِمَالِ ابْنَتِهِ ، فَإِنْ كَانَ مُجْحِفًا بِمَالِهَا ، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ ، وَكَانَ الْجَمِيعُ لَهَا وقال رحمه الله : فَصْلٌ : فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ غَيْرُ الأَبِ مِنْ الأَوْلِيَاءِ ، كَالْجَدِّ وَالأَخِ وَالْعَمِّ ، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ . نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَجَمِيعُ الْمُسَمَّى ( أي المهر ) لَهَا .

ينعقد النكاح باللفظ ولا تُشترط الكتابة

كتابة العقود والمعاملات التي تجري بين النّاس هي وسيلة للتوثيق وليست شرطا لصحّة العقد ، وعقد النّكاح ينعقد باللفظ بإيجاب من ولي الزوجة كقوله : زوّجتك ابنتي مثلا ، وقبول من الزوج كقوله : قبلت ونحو ذلك . ولا تُشترط الكتابة ، ولكن إن حصلت فهو أمر طيب للتوثيق والضبط خصوصا في هذا الزمان والله المستعان .

اشتراط الزوجة في العقد أن لا يتزوج عليها

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى في كتابه المغني : قَالَ : ( وَإِذَا تَزَوَّجَهَا , وَشَرَطَ لَهَا أَنْ لا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا فَلَهَا شَرْطُهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ بِهِ مِنْ الشُّرُوطِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا , وَشَرَطَ لَهَا أَنْ لا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا , فَلَهَا فِرَاقُهُ إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الشُّرُوطَ فِي النِّكَاحِ تَنْقَسِمُ أَقْسَامًا ثَلاثَةً , أَحَدُهَا مَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ , وَهُوَ مَا يَعُودُ إلَيْهَا نَفْعُهُ وَفَائِدَتُهُ , مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ لَهَا أَنْ لا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا أَوْ لا يُسَافِرَ بِهَا , أَوْ لا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا , وَلا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا , فَهَذَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ لَهَا بِهِ , فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ .. المغني لابن قدامة : ج7 كتاب النكاح وسئل شيخ الإسلام رحمه الله عن هذه المسألة وأجاب ففي الفتاوى الكبرى : مَسْأَلَةٌ : فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلا يَنْقُلَهَا مِنْ مَنْزِلِهَا , وَأَنْ تَكُونَ عِنْدَ أُمِّهَا , فَدَخَلَ عَلَى ذَلِكَ , فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ وَإِذَا خَالَفَ هَذِهِ الشُّرُوطَ , فَهَلْ لِلزَّوْجَةِ الْفَسْخُ أَمْ لا ؟ الْجَوَابُ : نَعَمْ تَصِحُّ هَذِهِ الشُّرُوطُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فِي مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ; كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي , وَالأَوْزَاعِيِّ , وَإِسْحَاقَ . وَمَذْهَبُ مَالِكٍ إذَا شَرَطَ لَهَا إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا .. أَنْ يَكُونَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا , أَوْ رَأْيُهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ صَحَّ هَذَا الشَّرْطُ أَيْضًا , وَمَلَكَتْ الْمَرْأَةُ الْفُرْقَةَ بِهِ , وَهُوَ فِي الْمَعْنَى نَحْوُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ , وَذَلِكَ لِمَا خَرَّجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : إنْ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ . وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : " مَقَاطِعُ الْحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ " , فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا تُسْتَحَلُّ بِهِ الْفُرُوجُ الَّتِي هِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَحَقَّ بِالْوَفَاءِ مِنْ غَيْرِهَا , وَهَذَا نَصُّ مِثْلِ هَذِهِ الشُّرُوطِ .. الفتاوى الكبرى ج3 : كتاب النكاح

عقد النّكاح لا يبطل بمرور أي مدّة عليه

إذا تمّ عقد النّكاح بالشّروط الشّرعية ( انظر سؤال 813) فإنّه صحيح وباق على أصله ، ومرور ستة أشهر عليه دون التقائك بالزوجة لا يُفسده ولا يُلغيه كما زعم صاحبك الذي لا علم له - إن كان ما فهمته منه هو ما قاله حقّا - وفي هذه الحالة عليك بنصحه أن يتقي الله ولا يُفتي بغير علم ، ولو أنّه نصحك بوجوب أن يصحب زوجتك محْرم في سفرها لكان خيرا وأقوم ، ونسأل الله لك التوفيق والبركة والسعادة في زواجك وصلى الله على نبينا محمد .

اشترطت على زوجها ترك التدخين فخالفه ؟

ما فعلتْه الأخت السائلة من تعليقها الموافقة على الزوج إلى أن يترك التدخين أمرٌ جيد ورائع وهي جديرة بأن تشكر عليه وأن يثنى عليها . والتدخين من قبائح الأفعال ، وهو محرَّم في الشرع ، ومخالف للفطرة السليمة ، ومضر لصحته وصحة من بجانبه ، وهو أشبه ما يكون بنافخ الكير فهو إما أن يحرق ثوبك وإما أن تشم منه رائحة خبيثة . لكن المستغرب من الأخت السائلة طول مدة صبرها على زوجها بعد أن اكتشفت أنه لم يترك التدخين ، وهذه المدة والتي استمرت خمس سنوات وأنجبت خلالها طفلين هي مدة طويلة ، وهي تدل على رضاها أو عدم مبالاتها بفعله ، ومعلوم أن مثل هذا الأمر لا يُصبر عليه مثل هذه المدة . والشروط التي تشرطها المرأة على زوجها قبل النكاح تجعلها – عند مخالفتها من قبَل زوجها - بالخيار إن شاءت فسخت النكاح وإن شاءت تنازلت عنها وبقيت على نكاحها . وتنازل المرأة عن شرطها ، أوعلْمها بمخالفة زوجها لشروط النكاح ورضاها بهذه المخالفة يدل على سقوط هذه الشروط ، وليس لها المطالبة بها ولا هي تملك فسخ العقد بعد ذلك . والذي يظهر في هذه المسألة هو هذا الأمر ، فلو أن الأخت السائلة صبرت فترة معقولة ، أو رفضت البقاء على عقد النكاح من أول يوم عرفت فيه بقاء زوجها على تدخينه : لكان لها أن تفسخ النكاح وتأخذ حقوقها كاملة إلا أن يترك زوجها التدخين حقيقة . أما وقد بقيت هذه المدة الطويلة وأنجبت خلالها طفلين فلا نرى أنه يجوز لها المطالبة بفسخ النكاح فضلا عن تعويض مقابل نقض زوجها للعهد وعدم وفائه به . وعلى الزوج تقوى الله سبحانه وتعالى ، وعليه أن يعلم أن ما يفعله هو من كبائر الذنوب ، وقد أضاف إليه ذنباً آخر وهو عدم وفائه بالعهد ومخالفته لشرط النكاح ، وشروط النكاح هي أوثق الشروط وأعظمها عند الله تعالى لأنه تستحل بها الفروج . عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج " . رواه البخاري ( 2572 ) ومسلم ( 1418 ) ..

هل يستأجر الشبكة ثم يعيدها إلى الصايغ لإتمام الخطوبة

أولاً : سئلت اللجنة الدائمة عن مثل هذا السؤال ، وهو تأجير الحليّ من الذهب والفضة لتلبسه المرأة عند الزواج ثم يعاد بعد أسبوعين مثلاً مع دفع الأجرة فأجابت : الأصل جواز تأجير الحلي من الذهب والفضة بأحد النقدين أو غيرهما بأجرة ومدة معلومتين ، يرد المستأجر الحلي بعد انتهاء مدة الإجارة ولا بأس بأخذ رهن في ذلك" اهـ. فتاوى اللجنة الدائمة (15/79-80) والنقدان هما الذهب والفضة أي : يجوز أن تدفع الأجرة ذهباً أو فضة أو غيرهما كالأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس الآن والله أعلم . 1- ثانياً : ينصح أولياء النساء بعدم المغالاة في المهور ، وعدم تكليف الزوج ما يثقل عليه من المهر والشبكة والأثاث..إلخ ، فهذه المغالاة مذمومة شرعاً . مع ما يترتب عليها من مفاسد وأضرار انظر السؤال رقم (12572) .

مفاسد وأضرار المغالاة في المهور

قد تكلم العلماء في هذه المسألة كثيرا وبينوا الأضرار المترتبة على المغالاة في المهور ، ومن هؤلاء العلماء الشيخ محمد بن إبراهيم فله فتوى مطولة في هذه المسألة جاء فيها : "إن من الأشياء التي تمادى الناس فيها حتى وصلوا إلى حد الإسراف والتباهي (مسألة التغالي في المهور) والإسراف في الألبسة والولائم ونحو ذلك وقد تضجر علماء الناس وعقلاؤهم من هذا لما سببه من المفاسد الكثيرة التي منها بقاء كثير من النساء بلا زوج بسبب عجز كثير من الرجال عن تكاليف الزواج، ونجم عن ذلك مفاسد كثيرة متعددة . . . وبحثت الموضوع من جميع أطرافه وتحرر ما يلي : 1- أن تخفيف الصداق وعدم تكليف الزوج بما يشق عليه مأمور به شرعا باتفاق العلماء سلفا وخلفا، وهو السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم . 2- أن الزوج إذا تكلف من الصداق ما لا يقدر عليه ولا يتناسب مع حاله استحق الإنكار عليه؛ لأنه فعل شيئاً مكروهاً، ولو كان ذلك الصداق دون صداق النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد روى مسلم في صحيحه (1424) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الأَنْصَارِ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا ، فَإِنَّ فِي عُيُونِ الأَنْصَارِ شَيْئًا ؟ قَالَ : قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا . قَالَ : عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا ؟ قَالَ : عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ ! كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ ! مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ . قَالَ : فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ . . قال النووي في شرحه لهذا الحديث: معنى هذا الكلام كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج اهـ. 3- ومما لا شك فيه أن الزواج أمر مشروع مرغوب فيه، وفي غالب الحالات يصل إلى حد الوجوب، وأغلب الناس لا يتمكن من الوصول إلى هذا المشروع أو المستحب مع وجود هذه المغالاة في المهور. ومن المعلوم أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ومن هذا يؤخذ مشروعية إرشاد الناس وردعهم عن التمادي في هذا الأمر الذي يحول دون المرء ودون فعل ما أوجبه الله عليه، لا سيما والأمر بتقليل المهر لا يتضمن مفسدة، بل هو مصلحة محضة للزوج والزوجة، بل هو أمر محبوب للشارع مرغب فيه كما تقدم. 4- إن امتناع ولي المرأة من تزويجها بالكفء إذا خطبها ورضيت به إذا لم يدفع ذلك الصداق الكثير الذي يفرضه من أجل أطماعه الشخصية أو لقصد الإسراف والمباهاة أمر لا يسوغ شرعا، بل هو من باب العضل المنهي عنه الذي يفسق به فاعله إذا تكرر . قال الشيخ ابن عثيمين : "ولقد أوجد أهل العلم تذليلا لهذه العقبة حيث قالوا إن الولي إذا امتنع من تزويج موليته كفؤا ترضاه فإن ولايته تزول إلى من بعده فمثلا لو امتنع أبو المرأة من تزويجها كفؤا في دينه وخلقه وقد رضيته ورغبت فيه فإنه يزوجه أولى الناس بها بعده فيزوجها أولى الناس بها ممن يصلح للولاية من اخوتها أو أعمامها أو بنيهم" . 5- أن كثرة المهور والمغالاة فيها عائق قوي للكثير من التزوج ولا يخفى ما ينجم عن ذلك من المفاسد الكثيرة وتفشي المنكرات بين الرجال والنساء، والوسائل لها حكم الغايات، والشريعة المطهرة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، ولو لم يكن في السعي في تقليل المهور إلا سد الذرائع المسببة فعل المحرمات لكفى. 6- لا يخفي ما سببته المغالاة في المهور من المفاسد، فكم من حرة مصونة عضلها أولياؤها وظلموها فتركوها بدون زوج ولا ذرية وكم من امرأة ألجأها ذلك إلى الاستجابة لداعي الهوى والشيطان فَجَرَّت العار والخزي على نفسها وعلى أهلها وعشيرتها مما ارتكبته من المعاصي التي تسبب غضب الرحمن!! وكم من شاب أعيته الأسباب فلم يقدر على هذه التكاليف التي ما أنزل الله بها من سلطان فاحتوشته الشياطين وجلساء السوء حتى أضلوه وأوردوه موارد العطب والخسران، فخسر أهله، وفسد ا تجاهه ، بل خسرته أمته ووطنه ، وخسر دنياه وآخرته!! 7- من أضرار المغالاة في المهور : حدوث الأمراض النفسية لدى الشباب من الجنسين بسبب الكبت ، وارتطام الطموح بخيبة الأمل . 8- ومنها : أن تكليف الزوج فوق طاقته يجلب العداوة في قلبه لزوجته لما يحدث له من ضيق مالي بسببها ، والهدف هو السعادة وليس الشقاء . 9- أن كثرة الصداق لو كان فيها شيء من المصلحة للمرأة وأوليائها فإن ما يترتب على ذلك من المفاسد يربو على تلك المصلحة إن وجدت ، والقاعدة الشرعية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. 10- أما القصة المروية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لما نهى أن يزاد في المهر عن أربعمائة درهم اعترضته امرأة من قريش فقالت:يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم ، فقالت : أما سمعت قول الله تعالى: وآتيتم إحداهن قنطاراً النساء /20 . قال : فقال : اللهم غفرا كل الناس أفقه من عمر ، ثم رجع فركب المنبر فقال : أيها الناس إني نهيتكم أن تزيدوا النساء في صداقهن على أربعمائة ، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب فليفعل . فاعتراض المرأة عليه له طرق لا تخلو من مقال فلا تصلح للاحتجاج ولا لمعارضة تلك النصوص الثابتة المتقدم ذكرها ، لا سيما وأنه لم ينقل عن أحد من الصحابة مخالفة عمر أو الإنكار عليه غير ما جاء عن هذه المرأة . انتهى كلام الشيخ محمد بن إبراهيم بتصرف واختصار وبعض زيادات عليه . انظر : "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (10/187-199) .

تخفيف المهر هو السنة

فإن الزواج نعمة من نعم الله تعالى ، وآية من آياته ، قال الله تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم / 21 وأمر الله تعالى الأولياء أن يزوجوا من تحت ولايته ( وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور / 32 وذلك لما يترتب على النكاح من المصالح العظيمة ، كتكثير الأمة ، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم لغيره من الأنبياء ، وتحصين الرجل والمرأة من الوقوع في المحرم . . . وغير ذلك من المصالح العظيمة . ولكن بعض الأولياء وضعوا العقبات أمام الزواج ، وصاروا حائلا دون حصوله في كثير من الحالات. وذلك بالمغالاة في المهر ، وطلبهم من المهر الشيء الكثير مما يعجز عنه الشاب الراغب في الزواج . حتى صار الزواج من الأمور الشاقة جدا لدى كثير من الراغبين في الزواج . والمهر حق مفروض للمرأة ، فرضته الشريعة الإسلامية ، ليكون تعبيرا عن رغبة الرجل فيها ، قال الله تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) النساء /4 . ولا يعني هذا اعتبار المرأة سلعة تباع ، بل هو رمز للتكريم والإعزاز ، ودليل على عزم الزوج على تحمل الأعباء وأداء الحقوق . ولم يحدد الشرع المهر بمقدار معين لا يزاد عليه . ومع ذلك فقد رَغَّب الشرع في تخفيف المهر وتيسيره . قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خير النكاح أيسره) رواه ابن حبان . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) . وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خير الصداق أيسره ) رواه الحاكم والبيهقي . وصححه الألباني في صحيح الجامع (3279) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الزواج : ( التمس ولو خاتماً من حديد ) . متفق عليه . وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته المثل الأعلى في ذلك ، حتى ترسخ في المجتمع النظرة الصادقة لحقائق الأمور ، وتشيع بين الناس روح السهولة واليسر . روى أبو داود (2125) والنسائي (3375) – واللفظ له - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ : تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنِ بِي – وهو الدخول بالزوجة - . قَالَ : أَعْطِهَا شَيْئًا . قُلْتُ : مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ . قَالَ : فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ ؟ قُلْتُ : هِيَ عِنْدِي . قَالَ : فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ . صححه الألباني في صحيح النسائي (3160) . فهذا كان مهر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء أهل الجنة . وهذا يؤكد أن الصداق في الإسلام ليس مقصوداً لذاته . وروى ابن ماجه (1887) أن عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ قال : لا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ. صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1532) . (لا تُغَالُوا) أَيْ لا تُبَالِغُوا فِي كَثْرَة الصَّدَاق . . . ( وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ) أَيْ حَتَّى يُعَادِيَهَا فِي نَفْسه عِنْد أَدَاء ذَلِكَ الْمَهْر لِثِقَلِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ عِنْد مُلاحَظَة قَدْره وَتَفَكُّره فِيهِ . . . (وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ ) حَبْل تُعَلَّق بِهِ أَيْ تَحَمَّلْت لأَجْلِك كُلّ شَيْء حَتَّى الحبل الذي تعلق به القربة اهـ من حاشية السندي على ابن ماجه . اثنتا عشرة أوقية تساوي أربعمائة وثمانين درهما أي مائة وخمسة وثلاثون ريال فضة تقريباً (134.4) فهذا كان صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم ونسائه . قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (32/194) : فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة فهو جاهل أحمق ، وكذلك صداق أمهات المؤمنين ، وهذا مع القدرة واليسار ، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة اهـ . وقال أيضاً في "الفتاوى الكبرى" : "وَكَلامُ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ , وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ فَيُسْتَحَبُّ بُلُوغُهُ وَلا يُزَادُ عَلَيْهِ" اهـ . وذكر ابن القيم في "زاد المعاد" (5/178) بعض الأحاديث الدالة على تخفيف المهر وأنه لا حد لأقله ثم قال : فتضمنت هذه الأحاديث أن الصداق لا يتقدر أقله . . . وأن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح وأنها من قلة بركته وعسره اهـ . وبهذا يتبين أن ما يفعله الناس الآن من زيادة المهور والمغالاة فيها أمر مخالف للشرع . والحكمة من تخفيف الصداق وعدم المغالاة فيه واضحة : وهي تيسير الزواج للناس حتى لا ينصرفوا عنه فتقع مفاسد خلقية واجتماعية متعددة .

إعلان النكاح

إعلان النكاح واجب والسبب في ذلك : 1- أن السنة وردت بالأمر به لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أعلنوا هذا النكاح ) رواه أحمد وحسنه الألباني في صحيح الجامع ( 1072 ) 2- كي يتميز النكاح الشرعي الصحيح الذي جاء به الشرع عن السفاح لان الزنى هو نكاح السر ، أما النكاح الشرعي فهو النكاح المعلن والمظهر لكي يتميز هذا عن هذا ، لذا كان من الحكمة إعلان النكاح .

ما يحل للزوج من زوجته بعد العقد

إذا تم عقد النكاح بالشروط الشرعية فهما زوجان في شريعة رب العالمين ، ويجوز لهما الجلوس والحديث والخلوة بحرِّية تامة . سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء : ما الذي يحل للزوج من زوجته بعد عقد القران وقبل البناء بها فأجابت : يحلّ ما يحل للزوج من زوجته التي دخل بها من النظر وقبلة وخلوة وسفر بها وجماع .. إلخ انظر الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/2 ص/540

هل تأثيث بيت الزوجية يكون من المهر ؟

المهر حق خالص للزوجة تتصرف فيه كيف تشاء ، فليس عليها إعداد البيت ، حيث لا يوجد نص من مصادر الشريعة يوجب على الزوجة أن تجهز بيت الزوجية ، كما أنه لا يوجد ما يدل على أن الجهاز واجب على أبيها ، وليس لأحد أن يجبرها على ذلك ، فإذا قامت بالجهاز وما يلزم من أثاث وأدوات فهي متبرعة . وإعداد البيت واجب على الزوج ، فهو الذي يجب عليه أن يقوم بكل ما يلزم لإعداد مسكن الزوجية من فرش ، ومتاع ، وأدوات منزلية ، وغير ذلك مما يحتاج إليه البيت ، لأن ذلك من النفقة الواجبة عليه للزوجة .

هل الفترة الطويلة بين العقد والدخلة مكروهة

ليست مكروهة لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عقد على عائشة وهي بنت ست سنين ، وبنى بها ولها تسع سنين . والخاطب قد يتعجل أحيانا لشفقته على العقد ويخشى أن يتبدل رأي المرأة أو أهلها فيبادر ولا بأس بذلك شرعا ، ولكني أرى أن يكون العقد عند الدخول أو قريبا منه ما أمكن تلافيا للمشكلات التي قد تحدث ; من خلاف يؤدي إلى طلاق أو حدوث وفاة أو غير ذلك .. والله الموفق .

ما أقل المهر ؟ وكم مهور أمهات المؤمنين بالعملة الحالية ؟

جاء تبيين أقل المهر فيما رواه مسلم في الصحيح رقم (1425) عن سهل بن سعد الساعدي قال : جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ: فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: لَا، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا؟ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا، وَاللهِ، مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْظُرْ وَلَوْ خَاتِمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا، وَاللهِ، يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا خَاتِمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي - قَالَ سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ - فَلَهَا نِصْفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَجَلَسَ الرَّجُلُ، حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا - عَدَّدَهَا - فَقَالَ: تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «اذْهَبْ فَقَدْ مُلِّكْتَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ . وفي هذا الحديث أنه يجوز أن يكون الصداق قليلاً وكثيراً مما يُتمول إذا تراضى به الزوجان لأن خاتم الحديد في نهايةٍ من القلة ، وهذا مذهب الشافعي وهذا مذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وبه قال ربيعة وأبو الزناد وابن أبي ذئب ويحي بن سعيد والليث بن سعد والثوري والأوزاعي ومسلم بن خالد وابن أبي ليلي وداود وفقهاء أهل الحديث وابن وهب من أصحاب مالك . وهو مذهب كافة الحجازيين والبصريين الكوفيين والشاميين وغيرهم أنه يجوز ما تراضى به الزوجان من قليل وكثير كالسوط والنعل وخاتم الحديد ونحوه . وأما بالنسبة للسؤال عن مهور أمهات المؤمنين . فقد روى مسلم في "الصحيح " رقم (1426)عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال : سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كما كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت : كان صداق لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشّاً . قال أتدري ما النَّشُّ . قال قلت لا قالت : نصف أوقية : فتلك خمس مائة درهم فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه . قال العلامة ابن خلدون : فاعلم أن الإجماع منعقد منذ صدر الإسلام وعهد الصحابة والتابعين : أن الدرهم الشرعي هو الذي تزن العشرة منه سبعة مثاقيل من الذهب ، والأوقيَّة منه : أربعين درهماً ، وهو على هذا سبعة أعشار الدينار .. .. وهذه المقادير كلها ثابتة بالإجماع . " مقدمة ابن خلدون " ( ص 263 ) . وعلى هذا : فوزن الدرهم بالجرامات = 2.975 جراماً . فيكون مهر أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم = 500×2.975 = 1487.5 جراماً من الفضة . وحيث إن سعر جرام الفضة الخالص بدون مصنعية حاليا حوالي 1 ريال فيكون المهر بالريال = 1487.5ريالاً تقريباً . وبالدولار = 396.7 تقريباً . والله أعلم .

أبواها لا يرغبان انفرادها بزوجها قبل الزفاف

إذا عقد الرجل على المرأة عقد النكاح الشرعي فقد حلّ له منها كلّ شيء من نظر وخلوة واستمتاع ونحو ذلك ، ولكن لا تجب له الطّاعة على زوجته كما لا تجب عليه نفقتها إلا إذا سلّمت نفسها إليه وهذا ما يكون بعد وليمة الزفاف في عرف معظم الناس اليوم ، وبعض الآباء والأمهات لا يحبّذون خلوة ابنتهم بزوجها بين العقد ووليمة الزفّاف خشية أن يقع ما يمنع إتمام الزواج أو يحدث انفصال ويكون الرجل قد دخل بالفتاة ولم تَعُد بكرا ، أو تحمل منه ويتأخّر الزفاف فيظهر حملها أمام الناس ، ونحو ذلك من الأشياء المُحرجة بالنسبة للأبوين فيكون لهما حسابات ولديهما محاذير ربما لا تكون ذات شأن عند الفتاة في غمرة فرحتها بزوجها الجديد ، وبالرغم من أنّ استمتاع الزّوجين ببعضهما بعد العقد الشّرعي مباح - ولو كان قبل وليمة الزفاف - إلا أنّه ينبغي الحرص على تلبية رغبة الأبوين وتقدير مخاوفهما وينبغي على الزّوج كذلك أن يتفهم موقفهما ويكتفي ما أمكن بالزيارة العائلية ريثما تنفرج الأمور بحصول الزفاف ، نسأل الله أن يعجل لكما بما تريدانه من الخير والله ولي التوفيق .

إذا سامحت الزوجة زوجها بالمهر

لا بأس أن تسقط الزوجة حقها من المهر لقوله تعالى : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً ) النساء ويحل هذا المؤجل بالطلاق بعد الدخول ، ولو كان الوقت قصيراً إلا أن تخالعه بذلك المال عوضاً عن فراقه لها فلا بأس إن كان ذلك بأمر شرعي لا لهدف أخذ المال ، لقوله تعالى : ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) . ويجوز للزوج أن يقول أنه سيدفع كذا وكذا مهراً ، ولو كان لا يملكه ، ويبين لهم أنه يريده مؤخراً لا معجلاً ويبقى ديناً في ذمته . والله أعلم .

المهر حقّ ثابت للزوجة

المهر في الإسلام حقّ من حقوق الزّوجة تأخذه كاملا حلالا عليها خلافا لما شاع في بعض البلدان من أنّ الزوجة لا مهر لها والأدلّة على وجوب إيتاء المرأة مهرها كثيرة منها : قوله تعالى : (وَءاتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ) سورة النساء 4 قال ابن عباس النحلة : المهر قال ابن كثير رحمه الله في مضمون كلام المفسرين في هذه الآية : أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتما وأن يكون طيّب النفس . وقال تعالى : ( وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا(20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا(21) سورة النساء قال ابن كثير رحمه الله : أي إذا أراد أحدكم أن يُفارق امرأة ويستبدل مكانها غيرها فلا يأخذَنَّ مما كان أصدق الأولى شيئا ولو كان قنطارا من مال ( أي : المال الكثير ) .. فالصّداق في مقابلة البُضع ( أي بما استحلّ من فرجها ) ولهذا قال تعالى : ( وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض ) .والميثاق الغليظ هو العقد . وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا قَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ رواه البخاري 4756 والمهر حقّ للمرأة لا يجوز لأبيها ولا لغيره أن يأخذه إلا إذا طابت نفسها بذلك وعن أبي صالح : كان الرجل إذ زوج بنته أخذ صداقها دونها فنهاهم الله عن ذلك ونزل وآتوا النساء صدقاتهن نحلة . تفسير ابن كثير وكذلك إذا تنازلت عن شيء منه للزوج جاز له أخذه كما قال تعالى : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ) . سورة النساء آية 4 والله تعالى أعلم.


أحدث أقدم