من هم مستحقو الزكاة

 






الأول: الفقراء وهم: من لا يجدون شيء من الكفاية أو يجدون بعضاً

 من الكفاية، ولا يملك نصاباً نامياً فائضاً عن حاجته، وهم بالغالب بلا

 كسب، أو لديهم كسب لا يسد نفقتهم، أو يسد نفقة من تجب عليهم

 نفقتهم، فيعطى ما يكمل له كفايته، سنة كاملة إن أمكن ذلك،

 والأصل أن يعطى الفقير في كل عام ما يكفي لمثله، حتى يتفرغ

 لعبادة ربه وتربية أولاده.


 

الثاني: المساكين، وهم الذين يجدن أكثر الكفاية أو نصفها، من كسبٍ

 أو غيره، فالمسكين قد يكون عنده مال، وعنده مصدر دخل، لكنه لا

 يكفيه أو لا يكفي من تجب عليه نفقتهم قال تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ

 فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ

 يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79] فقد سماهم الله مساكين مع أن

 لهم مصدر دخل وهي السفينة فعلم أن وجود مورد أو مصدر دخل، قد

 لا يخرج الإنسان من دائرة أهل الزكاة، فيعطى المسكين من الزكاة، ما

 يكمل له به كفايته، وكفاية من يعول من النفقة عاماً كاملاً، مثله

 مثل المسكين، من مأكل ومشرب ومسكن وكسوة، قال صلى الله

 وعليه وسلم: «ليس المسكين الذي يطوف على الناس، ترده اللقمة

 واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه

 ولا يفُطنُ له، فيتصدق عليه ويستحي ولا يقوم فيسأل الناس إلحافاً»

 وأصل الحديث في الصحيحين.

 


الثالث: العاملون عليهاوهم السعاة الذين يبعثهم الإمام، لأخذ الزكاة

 من أربابها كجباتها وحفظها، وكتابها، وقسامها بين مستحقيها،

 فيعطى العامل من الزكاة بقدر أجرته، حتى ولو كان غنياً، فتكون أجرة

 العامل على الزكاة بقدر الكفاية لقوله صلى الله وعليه وسلم: «من

 كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادم،

 فإن لم يكن له مسكناً فليكتسب مسكنًا» (رواه ابن خزيمة في صحيحه)،

 أما إذا كان له مرتب أو عطاء من بيت المال مقابل جهده فلا يعطى

 من الزكاة شيء، فإذا كان للعمال عطاء من بيت المال، فيحرم عليهم

 الزكاة، لقوله صلى الله وعليه وسلم: «من استعملناه على عمل

 فرزقناه رزقاً ثم أخذ بعد ذلك فهو غلول» (رواه أبو داود بسند صحيح)،

 وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 سَاعِيًا، ثُمَّ قَالَ: «انْطَلِقْ أَبَا مَسْعُودٍ، وَلَا أُلْفِيَنَّكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَجِيءُ

 وَعَلَى ظَهْرِكَ بَعِيرٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ لَهُ رُغَاءٌ، قَدْ غَلَلْتَهُ» قَالَ: إِذًا لَا أَنْطَلِقُ

 قَالَ: «إِذًا لَا أُكْرِهُكَ» (رواه أبو داود بسند حسن).

 

وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على من أوكل لهم دفع الزكاة أن

 يدفعوها بأنفس راضية، فلهم مثل أجر المتصدقين: لقوله صلى الله

 عليه وسلم: «الخَازِنُ المُسْلِمُ الأَمِينُ، الَّذِي يُنْفِذُ -وَرُبَّمَا قَالَ: يُعْطِي- مَا

 أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ

 المُتَصَدِّقَيْنِ» (متفق عليه).

 


الرابع: المؤلفة قلوبهم: وهو السيد المطاع في عشيرته مما يرجى

 إسلامه، أو كف شره، أو يرجى بعطيته قوة إيمانه أو إسلام نظيرة، أو

 جباية الزكاة مما لا يعطيها، فلولي الأمر أن يعطي من غير المسلمين

 من توفرت بهم الضوابط الماضية، كما أعطى صفوان بن أمية ثلاثمائة

 من الإبل تأليفاً لقلبه، وأصل الحديث عند مسلم، ويعطي ولي الأمر من

 أهل الإسلام ولو كانوا أغنياء؛ ليؤلف قلوبهم على الإسلام أو من أجل

 أن يتأثر بهم من يضاهيهم بالجاه من غير المسلمين، أو من أجل أن

 يعينوا ولي الأمر على جباية الزكاة من بلدانٍ لا يعطوها، أو لأقوام

 مطاعون في قومهم يرجى بعطيتهم قوة إيمانهم، كما أعطى الأقرع

 بن حابس وعيينة بن بدر وزيد الخير، فيعطى لهؤلاء قدر ما يحصل به

 التأليف.


 

الخامسفي الرقاب والأصل فيهم المكاتبون المسلمون، الذين اشتروا

 أنفسهم من سادتهم بثمن مؤجل، يؤدى مقسطناً فيعان على ذلك

 حتى يعتق رقابهم، ويشمل الرقاب أيضاً، الأسير المسلم الذي وقع في

 قبضة الكفار، ومثله المملوك المسلم، قال تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ

 الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 11 - 13]، ومعنى

 الآيات: فهلا أنفق ماله فيما يجوز به العقبة ولعظم أجر عتق الرقاب

 جعلها الله تعالى المكفرة الأولى للقتل والظهار والوطيء في

 نهار رمضان، وإحدى خيارات كفارات اليمين، فيدفع إلى المكاتب المسلم

 ما تفك به رقبته أو يكمل ما دفعه، ويدفع لمن أسر المسلم ما يفك به

 أسره.

 


السادسالغارمون وهم المدينون العاجزون عن وفاء ديونهم، ويشمل

 أيضاً الذي استدانوا للإصلاح بين الناس، فهناك من يتحمل ديناً لتسكين

 فتنة، أو إصلاح بين طائفتين، فيدفع له لتسديد ما لحق ذمته ولو كان

 غنياً، قال صلى الله عليه وسلم: «ورجل تحمل حمالة فحلت له المسألة

 حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله» (رواه مسلم،

 فيعطى الغارم ما يقضي عليه من الغرم).

 


السابعفي سبيل الله والمقصود نصرة دين الله، فيعطى الغزاة الذين لا

 رواتب لهم، وخرجوا مع الجيش متطوعين، فيعطون من الزكاة ما

 يعينهم على الجهاد ونفقات أولادهم حتى لو كانوا أغنياء، لقوله صلى

 الله وسلم: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة وذكر منهم غازٍ في سبيل

 الله» (رواه أبو داود وغيره بسندٍ صحيح)، واختلف العلماء هل

 يعتبر الحج في سبيل الله؟ فذهب بعضهم إلى ذلك، قال شيخنا ابن باز:

 فيجوز دفع الزكاة في الحج، وهو الأظهر لإنَّ الحج جهاد في سبيل الله،

 وقال شيخ الإسلام في الاختيارات: ومن لم يحج حجة الإسلام، وهو فقير

 أعطي ما يحج به، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وقد أفتت اللجنة

 الدائمة بذلك.

 


الثامن: وابن السبيل وهو المسافر الغريب المنقطع في سفره عن أهله

 وماله، وليس له ما يرجع به إلى بلده، ولو كان غنياً في بلده، فيعطى

 منها ما يوصله إلى بلده.


أحدث أقدم