معركة اليرموك

  






أسباب معركة اليرموك

1 – بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم، تولي أبو بكر الصديق أمر

 الخلافة بعد رسول الله، ومنذ بداية عهده واجه حرب الردة التي خاضها

 وانتصر فيها، وبعد أن نجح الخليفة الأول فب توحيد الجزيرة العربية تحت

 سلطته، بدأ أبو بكر الصديق في الفتوحات خارج الجزيرة العربية، فبدأ

 بإرسال جيش إلى العراق الحاضرة الأكثر غناء وثراء للإمبراطورية

 الفارسية، وقد كان خالد بن الوليد قائدا للجيش الذي ذهب إلى العراق ،

 وأتم فتحها، بدأت فكرة غزو الشام تلح على رأس الخليفة أبو بكر، بعد

 انتصارات خالد بن الوليد، سنة 634.

 

2- بدأ الفتح الإسلامي للشام ومقاتلة الروم بعد أن هاجموا جيش خالد

 بن سعيد بن العاص المُعسكر في أرض تيماء وهزيمته وفراره، بعدها

 قرر الخليفة تقسيم الجيش إلى أربعة جيوش مختلفة، ووجَّه كلا منها

 إلى منطقة مختلفة من بلاد الشام، فكانت وجهة جيش شرحبيل بن

 حسنة، وادي الأردن ، ووجهة جيش يزيد بن أبي سفيان دمشق، وكانت

 وجهة الجيش الثالث بقيادة أبو عبيدة بن الجراح إلى حمص، أما الجيش

 الرابع بقيادة عمرو بن العاص فذهب إلى فلسطين.

 

3- وكانت الخطة أن تلك الجيوش تعمل مستقلة عن الأخرى إلا إذا كانت

 هناك حاجة للاجتماع.


4- وصلت الجيوش الإسلامية الأربعة إلى بلاد الشام، فوجدت جيوشاً

 ضخمة جداً للروم تم حشدها لمقاتلة الجيوش الإسلامية .

 

5- قرر قادة الجيوش الانسحاب، واجتمعوا باليرموك ، وطلبوا من

 الخليفة المدد، فأمر الخليفة بتحرك خالد بن الوليد بنصف جيشه بالعراق،

 بالسير إليهم باليرموك.

 

6- خلال هذه الفترة توفيَّ أبو بكر، وتولى عمر بن الخطاب الخلافة من

 بعده ، وقرر تعيين عبيدة بن الجراح قائدا لجيوش الفتح ، واستبعاد وعزل

 خالد بن الوليد عن قيادة الجيوش.

 

أحداث المعركة

استمر القتال في معركة اليرموك ستة أيام، كانت جيوش المسلمين

 يردون خلالها هجمات جيش الروم طوال خمسة أيام ، وتميز خالد بن

 الوليد في قيادة سرية خيالة سريعة متحركة، حيث كان يتحرك بها من

 مكان إلى آخر متي يكون جيش المسلمين في تراجع أمام ضغط جيش

 الروم، ويعود كل من الجانبين في نهاية النهار إلى معسكره.

 


وتجلت خلال هذه المناورات التي لم تصل إلى المواجهة المباشرة لجميع

 أفراد الجيشين، تجلت عبقرية خالد بن الوليد العسكرية، بداية مما كان

 يفعله من خلخلة لدفاعات جيش العدو من خلال سرية الخيالة التي كان

 يقودها، أومن خلال التخطيط والمناورة وفهم مجريات الحدث وتطورات

 ساحة المعركة.

 


وبالرغم من ذلك تكبد جيش الروم خلال الأيام الأربعة الأولى من

 المناوشات، خسائر كبيرة فاقت خسائر جيش المسلمين، وفي اليوم

 الخامس لم يحدث التحام بين أي من فرق الجيشين ، إذ أن قائد جيش

 الروم طلب هدنة ثلاثة أيام، ورفض خالد بن الوليد عرضه.

 


تحولت استراتيجية الداهية العسكري خالد بن الوليد من الدفاع إلى

 الهجوم، وذلك خلال اليوم السادس، وتمكن بن الوليد بعبقريته من شن

 هجوم خاطف على جيش الروم، ليرفع من معنويات جيش المسلمين،

 والذي أسهم في الانتصار.

 

اين تقع اليرموك

اليرموك بلدة من بلدات محافظة إربد . تقع في الشمال بالقرب من

 مدينة إربد وضمن لواء بني كنانة وهي على ضفاف نهر اليرموك وفيها

 وقعت معركة اليرموك .

 

تمهيد تاريخي

غزا الفرس الساسانيون منطقة الجزيرة (شمال العراق) وفي سنة 611

 اكتسحوا سوريا ودخلوا الاناضول محتلين مدينة مزاكا القيصرية. تمكن

 بعدها هرقل من إزاحة الفرس من الأناضول، إلا أنه تعرض لهزيمة

 نكراء عندما قام بهجومٍ كبيرٍ على سوريا ضد الفرس سنة 613. خلال

 العقود التالية استطاع الفرس غزو كل من فلسطين ومصر. وفي هذه

 الأثناء أعد هرقل العدة لهجومٍ مضادٍ وقام بإعادة بناء جيشه. حيث قام

 هرقل بهجومه أخيراً بعد تسع سنين أي في 622. بعد انتصاراته

 الحاسمة على الفرس وحلفائها في القوقاز وأرمينيا، قام هرقل في

 627 بهجوم شتوي ضد الفرس في منطقة الجزيرة محققاً فوزاً ساحقاً

 في معركة نينوى. وعلى هذا النحو أصبحت عاصمة الفرس مهددة

 أيضاً. وبسبب الشعور بالخزي والعار من هذه الهزائم تمت إزاحة كسرى

 الثاني وقتله في انقلاب قاده أبنه قباذ الثاني، الذي جنح إلى السلم

 فوراً، حيث وافق على الانسحاب من جميع الأراضي البيزنطية المحتلة.

 وأعاد لهرقل الصليب الحقيقي – الذي كان يعتقد بأن يسوع قد صُلب

 عليه – ومن ثم تم إرجاعه إلى القدس باحتفالٍ ملكي مهيب سنة 629.

 

وفي هذه الأثناء كانت تطورات سياسية سريعة تحدث في الجزيرة

 العربية، حيث كان النبي محمد لا يزال ينشر الإسلام، وبحلول سنة 630

 كان قد استطاع بنجاح توحيد معظم الجزيرة العربية تحت سلطة سياسية

 واحدة. وحين توفي النبي في يونيو 632، بويع أبو بكر خليفة للمسلمين

 خلفاً للرسول محمد. وحالما تولى أبو بكر الخلافة انبثقت مشاكل عندما

 ثارت جهراً العديد من القبائل العربية ضد أبي بكر الذي أعلن الحرب ضد

 المتمردين. والتي عرفت لاحقاً بحروب الردة. بعدها تمكَّنَ أبو بكر من

 توحيد الجزيرة العربية تحت السلطة المركزية للخلافة الإسلامية

 ومركزها المدينة المنورة. حالما تم تطويع التمرد، بدأ أبو بكر عهد

 الفتوحات، مبتدئأ بالعراق، المحافظة الأغنى للإمبراطورية الفارسية.

 وبإرساله أكثر جنرالاته عبقرية ودهائاً وهو خالد بن الوليد، تم فتح

 العراق

 بسلسلة من الحملات الناجحة ضد الفرس الساسانيين. نمت ثقة أبي

 بكر،

 وحالماً تمكن خالد بن الوليد من تأسيس معقل قوي في العراق، أعلن

 أبو بكر نداء التسلح لغزو الشام في فبراير/شباط من سنة 634.

 

كان الفتح الإسلامي للشام عبارة عن سلسلة من العمليات العسكرية

 المخططة بعناية والمنسقة جيداً والتي استخدمت الإستراتيجية بدلاً من

 القوة المجردة للتعامل مع مقاييس الدفاع البيزنطية. على أية حال تبين

 للجيوش الإسلامية بأنها أقل من اللازم للتعامل مع الرد البيزنطي،

 وطلب قادتها التعزيزات. أرسل خالد بن الوليد من العراق إلى الشام مع

 التعزيزات ولقيادة الفتح. في يوليو 634، هُزم البيزنطيون على نحو حاسم

 في معركة أجنادين. وسقطت مدينة دمشق في سبتمبر 634، وتبعها

 معركة فحل حيث هزمت وهلكت آخر المعاقل العسكرية المهمة

 للبيزنطيين في فلسطين. توفي الخليفة أبو بكر الصديق في أغسطس

 634. وقرر خلفه عمر بن الخطاب إكمال توسع الخلافة الإسلامية

 أعمق إلى الشام. بالرغم من أن حملات سابقة ناجحة قادها خالد بن

 الوليد، إلا أنه تم استبداله بأبي عبيدة. بتأمين جنوب فلسطين، تقدمت

 القوات الإسلامية الآن إلى الطريق التجاري حيث سقطت طبريا وبعلبك

 من دون عناء كبير وبعدها فتح المسلمون مدينة حمص أوائل 636.

 وعليه أكمل المسلمون فتوحاتهم عبر الشام.

 

التجهيز للمعركة

كان سقوط حمص وبعلبك سريعاً بعد فتح دمشق، وأصبحت مقاومة

 الروم لجيوش المسلمين ضعيفة. وبعد فتح دمشق، أو تحديداً أكثر

 خلال محاصرة حمص قبل فتحها، بدأ هرقل في أواخر سنة 635 بحشد

 كل قواته في منطقة أنطاكية وشمال الشام استعداداً لمعركة

 حاسمة، بعد أن تمركز في مدينة أنطاكية على أطراف الشام الشمالية

 لإدارة الحرب من هناك. وقد بدأ حركة تجنيد إجباري في كل أنحاء

 الإمبراطورية البيزنطية، فأرسل الأوامر إلى عماله على الولايات بتجنيد

 كل رجل بلغ الحلم في الإمبراطورية. ويقول الرواة في وصف الجيوش

 البيزنطية السائرة إلى معركة اليرموك: «فأقبل إليه من الجموع ما لا

 تحمله الأرض».

 

لم يكن هرقل يود في البداية خوض المعركة، غير أن أهل الجزيرة

 وقنسرين وشمال الشام أصرُّوا عليه، فقبل بقتالهم في حال ظهورهم،

 وإلا عاد إلى القسطنطينية. وولى فاهان قيادة الجيوش، وأعطاه لذلك

 200 ألف درهم، ثم أعطى 100 ألف درهم أخرى لكل قادته، وخطب

 فيهم قبل المعركة قائلاً:


 

«يا معشر الروم، إن العرب قد ظهروا على الشام ولم يرضوا بها حتى

 تعاطوا أقاصي بلادكم، وهم لا يرضون بالأرض والمدائن والبُر والشعير

 والذهب والفضة حتى يَسبُوا الأخوات والأمهات والبنات والأزواج

 ويخذوا

 الأحرار وأبناء الملوك عبيداً. فامنعوا حريمكم وسلطانكم ودار

 مملكتم.»


كانت لدى المسلمين استخبارات فعالة وقوية، لذا فقد عرف أبو عبيدة

 مبكراً بتحركات الروم كلها، وبخطتهم وخطوط سيرهم. غير أن قادتهم

 اختلفوا حول الخطة المناسبة لمواجهة الموقف، وحسب رواية ذكرها

 الأزدي فقد رأي يزيد بن أبي سفيان إدخال النساء والأطفال إلى مدينة

 حمص، فيما تدور المعركة مع الروم خارج المدينة. غير أن شرحبيل خشي

 أن يغدر أهل حمص بالمسلمين إن غلبوا، وأن يذبحوا نساءهم

 وأطفالهم، واقترح لذلك أبو عبيدة إخراج أهل حمص وإدخال المسلمين

 مكانهم، فاعترض شرحبيل لأن ذلك يخالف شروط الصلح. وأخيراً طرح

 ميسرة بن مسروق العبسي الانسحاب إلى أطراف الشام، وانتظار

 التعزيزات من الخليفة، وأجمع الحاضرون على هذا الرأي واستخدم

 القائد خالد بن الوليد نظاماً جديداً يسمى الكراديس. لكن من الجدير

 بالذكر أن صحّة هذه الرواية ليست ثابتة، وقد تكون موضوعة بالكامل.

 

الجيوش المتحاربة

ضمَّت جيوش البيزنطيين في معركة اليرموك عرقيات كثيرة، بينها الروس

 والسلاف والفرنجة والروم والإغريق والجورجيون والأرمن والعرب

 النصارى. ووزعت قواتهم هذه على خمسة جيوش متساوية الأعداد،

 وقادتها هم: فاهان (ملك أرمينيا) على رأس جيش أرمني كما أنه القائد

 العامّ للجيوش البيزنطية، وقناطير (أمير روسي) على رأس جيش روسي

 سلافي، وجبلة بن الأيهم (ملك الغساسنة) على رأس جيش من نصارى

 العرب، بالإضافة إلى جريجوري وديرجان على رأس جيشين أوربيَّين. وليس

 معروفاً على وجه التحديد من كان القائد الأعلى للجيش، فمن الروايات

 الشائعة أنه كان الملك الأرمني فاهان، غير أن ذلك ليس مؤكداً تماماً،

 وربما كان السقلار ثيودور ترثوريوس أحد القادة الأساسيين في الجيش،

 وربما كان نقيطا بن شاهبراز وجبلة بن الأيهم قائدين ذوي شأن أيضاً.

 كما وقد اختلف المؤرخون كثيراً في تعداد جيوش الروم في معركة

 اليرموك، غير أن هناك ستة أقوال أساسية فيها، هي: 100,000 بقيادة

 صقلار خصي هرقل (رواه ابن إسحاق)، و120,000 بقيادة ماهان وصقلار

 (رواه ابن عساكر وسيف والوليد والبلاذري)، و200,000 بقيادة فاهان

 (رواه الطبري)، و240,000 بقيادة فاهان (رواه سيف)، و300,000 بقيادة

 فاهان (رواه الأزدي)، و400,000 بقيادة فاهان (رواه الأزدي).

 


وأما جيوش المسلمين فقد كانت قليلة بالمقارنة مع الجيوش

 البيزنطية، حيث تألفت قوات المسلمين الأصلية التي دخلت الشام للفتح

 من أربعة ألوية مجموع جنودها 24,000 مقاتل، ثم ازدادوا قليلاً بعد

 وصول خالد من العراق للنجدة في معركة أجنادين. ومن الأقوال

 الأساسية في تعداد جيوش المسلمين في المعركة: 24,000 (رواه ابن

 عساكر)، و36,000 بينهم 27,000 من الألوية الأربعة و9,000 مع خالد

 (رواه الطبري)، و46,000 (رواه الطبري). وكان بين هؤلاء 1,000 من

 الصحابة، وحوالي 100 ممن شهدوا غزوة بدر.


الهجوم البيزنطي المضاد

وبفتحهم لمدينة حمص، كان المسلمون على بعد مسيرة واحدة

 للوصول إلى حلب، ومن المعقل القوي للبيزنطيين في أنطاكيا، حيث

 يقطن هرقل. أنذرت سلسلة النكسات على نحو خطير هرقل الذي حضّر

 لهجوم مضاد لاستعادة المناطق الضائعة. في 635 يزدجرد الثالث –

 امبراطور الفرس – ابتغى تحالفاً مع الإمبراطور البيزنطي. زوج هرقل

 ابنته (طبقاً للتقاليد، حفيدته) مانيانة إلى يزدجرد الثالث وهو تقليد

 روماني لعقد التحالف. بينما استعد هرقل لهجوم عظيم في الشام،

 كان من المفترض أن يقوم يزدجرد الثالث بهجوم مضاد في نفس

 الوقت

 في العراق، في ما كان من المفترض أن يكون جهداً منسقاً. على أية

 حال، عمر بن الخطاب كانت له بصارة في هذا التحالف، حيث أشغل يزجرد

 الثالث في مفاوضات للسلام، حيث دعاه بوضوح إلى اعتناق الإسلام.

 عندما أطلق هرقل هجومه في مايو 636، لم يتمكن يزدجرد من

 التنسيق مع المناورة بسبب الظروف المضنية في حكومته، الأمر الذي

 أضاع ما كان ليكون خطة محكمة. ربح عمر بن الخطاب نصراً حاسماً ضد

 هرقل في معركة اليرموك، واستخدم إستراتيجية عظيمة في إشغال

 يزدجرد الثالث وإيقاعه في الفخ. وبعد ثلاثة شهور خسر يزدجرد الثالث

 جيشه الامبراطوري في معركة القادسية في سبتمبر 636، وانتهاء

 الحكم الساساني في غرب بلاد الفرس.


 

بدأت استعدادات البيزنطيين في أواخر سنة 635 ومع حلول شهر مايو

 636 كان هرقل قد جمع قوة كبيرة في أنطاكيا في شمال سوريا. تألف

 الجيش المركب من قبائل السلاف والفرنجة والجورجيون، واالأرمن

 والعرب المسيحيون. نُسّقت هذه القوة إلى خمس جيوش، القائد العام

 ثيودور تريثوريوس – شقيق القيصر-، وماهان من الأرمن والقائد

 العسكري السابق لمدينة حمص، والذي قام بالقيادة الميدانية

 الإجمالية، والذي يوجد تحت قيادته جيش خالص من الأرمن، قناطير

 الأمير السلافي قام بقيادة السلاف، جبلة بن الأيهم ملك العرب

 الغساسنة قام بقيادة قوة من العرب المسيحيين حصراً. والقوة

 المتبقية كانت كلها من الأوروبيين وضعت تحت قيادة غريغوري

 ودريجان. وقد أشرف هرقل شخصياً على العملية من مدينة أنطاكيا.

 ذكرت مصادر تاريخية بيزنطية بأن ابن الجنرال الفارسي شهرباراز كان أحد

 القادة أيضاً إلا انه غير معروف أي جيش كان تحت قيادته.

 

وكان جيش المسلمين مقسماً إلى أربعة مجاميع: واحد تحت قيادة

 عمرو بن العاص في فلسطين، وواحد تحت قيادة شرحبيل بن حسنة في

 الأردن، والآخر تحت قيادة يزيد بن أبي سفيان ضمن منطقة دمشق،

 والأخير تحت قيادة أبو عبيدة بن الجراح جنباً إلى جنب مع خالد بن الوليد

 في مدينة حمص. وكون الجيوش المسلمة كانت مقسمة جغرافياً،

 حاول هرقل استغلال هذا الوضع وخطط لشن الهجوم. حيث إنه لم

 يرغب

 بالاشتباك في معركة ملتصقة واحدة بل استخدام تكتيك الموقع

 المركزي ومحاربة جيوش المسلمين كلٌ على حدة بتركيز قوة كبيرة ضد

 كل فرقة من فرق المسلمين قبل أن يتمكنوا من توحيد جنودهم.

 وذلك بإجبار قوات المسلمين إما على الانسحاب أو بتدميرها على حدة.

 ومن ثم يستوفي استراتيجيته باستعادة الأراضي المفقودة. أُرسلت

 تعزيزات إلى مدينة قيسارية تحت قيادة قسطنطين الثالث – ابن هرقل –

 على الأرجح لدحر قوات يزيد ابن أبي سفيان التي كانت تحاصر المدينة.

 تحرك الجيش الامبراطوري البيزنطي من أنطاكيا إلى شمال سوريا في

 وقت ما من حزيران/يونيو 636 م.

 

الجيش الامبراطوري البيزنطي كان يعمل على النحو التالي: جيش جبلة

 بن الأيهم خفيف التدريع من العرب المسيحيين أن ينطلق إلى حمص من

 حلب عبر حماة ويحتجز الجيش الرئيسي للمسلمين في حمص. أن يقوم

 ديرجان بتحركات ملتوية ما بين الساحل وطريق حلب حيث يصل إلى

 حمص

 من الغرب مغيراً على الجناح الأيسر للمسلمين في الوقت الذي هم

 يجابهون من الأمام عن طريق جبلة بن الأيهم. وأن يغير غريغوري على

 الجناح الأيمن للمسلمين ويصل إلى حمص من الشمال الشرقي عبر

 منطقة الجزيرة. وأن يندفع قاناطير بمحاذاة الطريق الساحلي ويحل

 بيروت، التي منها يهاجم مدينة دمشق ضعيفة التحصين من الغرب

 ويفصل الجيش الرئيسي للمسلمين في حمص. وتعمل فرقة ماهان

 كقوة احتياطية وتصل حمص عن طريق حماة.

 

إستراتيجية المسلمين

اكتشف المسلمون استعدادات هرقل عن طريق الأسرى الرومان. مما

 اطرق الإنذار من احتمالية أن يمسكوا في قوات منفصلة والتي من

 الممكن هزيمتها. دعا خالد بن الوليد إلى مجلس الحرب. حيث نصح أبو

 عبيدة بن الجراح لسحب القوات من فلسطين ومن شمال ووسط سوريا

 ومن ثم توحيد جميع جيوش المسلمين في مكان واحد. أمر أبو عبيدة

 بتجميع الجنود في السهل الواسع قرب جابيا، حيث التحكم بالمساحة

 يجعل هجمات الخيالة ممكنة وأيضاً يمهد لوصول التعزيزات من

 الخليفة عمر بن الخطاب. وهكذا فإن قوة موحدة قوية ممكن أن

 تجابه

 في الميدان الجيوش البيزنطية. تميز الموقع أيضاً من قربه من مركز

 قوة

 الدولة الإسلامية في الحجاز في حال حدث الانسحاب. و صدرت تعليمات

 من الخليفة بإعادة الجزية التي دفعت إلى أصحابها. على أية حال،

 بالتجمع في منطقة جابيا. كان المسلمون عرضة لهجوم قوات

 الغساسنة حلفاء البيزنطيين. وبالتخييم في المنطقة كان أيضاً أمراً خطيراً

 لأن قوة بيزنطية قوية كانت لا تزال موجودة في قاسارية والتي من

 الممكن أن تهاجم المسلمين من الخلف بينما هم منشغلين مع

 البيزنطيين من الامام. وبناءً على نصيحة خالد ابن الوليد، انسحبت قوات

 المسلمين إلى الدارة ودير أيوب، مستغلين الهوة بين حلق اليرموك

 وسهل جراء البركاني، وبنوا خطًا من الخيام في الجزء الشرقي من سهل

 اليرموك. كانت هذه نقطة دفاع قوية وهذه المناورات جرت المسلمين

 والبيزنطيين إلى مواجه حاسمة، الأمر الذي أراد الأخير تجنبه. خلال هذه

 المناورات الإستراتيجية لم تكن هناك مواجهات ماعدا مناوشة صغيرة

 بين فرقة صفوة الخيالة الخفيفة لخالد وطليعة الجيش البيزنطي.

 

نشر الجنود

أكثر الحسابات الإسلامية قدماً تضع حجم الجيوش الإسلامية ما بين

 24,000 و 40,000 وحجم القوات البيزنطية بين 100,000 و 200,000.

 حسابات حديثة لحجم كلا الجيشين تتنوع: تقديرات للجيش البيزنطي غالباً

 ما بين 80,000 و 120,000، مع بعض التقديرات تصل إلى 50,000 و

 15,000 – 20,000. وتقديرات الجيش الإسلامي بين 25,000 و 40,000.

 تأتي هذه الأرقام من القدرات المنطقية للمقاتلين، واستدامة أساسات

 العمليات، والقوة البشرية الاجمالية حصر التأثير كلا الرومان والعرب.

 على أية حال، الإجماع على أن الجيش البيزنطي وحلفائه يفوقون جيش

 المسلمين بهامش ضخم، وحيث أن معركة اليرموك من المعارك

 الفاصلة في فتوح الشام فإن دفاع البيزنطين عن الشام يحتم ضخامة

 الجيش البيزنطي الذي كان يمثل أحد أقوى قوتين في العالم في هذا

 الوقت كما أن البيزنطيين قد استعانوا في هذه المعركة كعادتهم

 بأعداد كبيرة من المرتزقة والشعوب التي كانت تحت سيطرة

 إمبراطريتهم.

 

جيش المسلمين


أثناء عقد مجلس الحرب، تم عزل خالد من قبل أمير المؤمنين عمر بن

 الخطاب وتولى الجيش أبوعبيده بن الجراح وقد قسّم جيش المسلمين

 إلى 36 كتيبة مشاة وأربعة كتائب للخيالة، وتولى هو قيادة صفوة

 الخيالة المتحركة وجعلها كقوة احتياطية. نظم خالد الجيش على

 تشكيل الطابعة وهو تشكيل دفاعي قوي لقوات المشاة. اصطف

 الجيش الإسلامي على طول 12 كيلومتر مواجهة الغرب، وجناحه الأيسر

 إلى جهة نهر اليرموك على مسافة كيلومترا ونصف من بداية الاودية

 وادي العلن. جناح الجيش الأيمن على جهة طريق الجابية إلى الشمال

 بمحاذاة مرتفعات تل الجمعة، ومع وجود فراغات بين الفرق العسكرية

 بحيث تتطابق واجهة الجيش مع الجيش البيزنطي على طول 13 كيلومتر.

 مركز الجيش كان تحت قيادة أبو عبيدة بن الجراح الذي تولى قيادة

 (الوسط الأيسر) وتولى شرحبيل ابن حسنة قيادة (الوسط الأيمن). وكان

 (الجناح الأيسر) تحت لواء يزيد بينما (الجناح الأيمن) تحت قيادة عمرو بن

 العاص. المركز وكلا الجناحين اسندت بفرق الخيالة لتستخدم كقوة

 احتياطية أثناء الهجوم المعاكس في حالة التراجع تحت ضغط الجيش

 البيزنطي. وخلف المركز تقف الخيالة المتحركة تحت القيادة الشخصية

 لخالد بن الوليد. وفي حالة انشغال خالد في قيادة الجيش الأساسي،

 يتولى ضرار بن الأزور قيادة فرقة الخيالة المتحركة. عبر مسار المعركة،

 يستخدم خالد قوته الاحتياطية الراكبة في استخدامات حاسمة وحرجة.

 قام خالد بإرسال عدة جوالة لأبقاء البيزنطيين تحت المراقبة. في اواخر

 تموز/يوليو 636، ارسل ماهان جبلة بن الايهم مع قوته الخفيفة من

 العرب المسيحيين للقيام باستكشاف إجباري لجيش المسلمين إلا أنه تم

 صد هذه القوة من قبل الخيالة المتحركة. بعد هذه المناوشة لم

 تحدث أي مناوشات أخرى خلال الشهر.

 

بعد المعركة

كانت معركة اليرموك من أعظم المعارك الإسلامية، وأبعدها أثرا في

 حركة الفتح الإسلامي، فقد لقي جيش الروم (أقوى جيوش العالم

 يومئذ) هزيمة قاسية، وفقد زهرة جنده، وقد أدرك هرقل الذي كان

 في

 حمص حجم الكارثة التي حلت به وبدولته، فغادر سوريا نهائيا وقلبه

 ينفطر حزنا، وقد ترتب على هذا النصر العظيم أن استقر المسلمون في

 بلاد الشام، واستكملوا فتح مدنه جميعا، ثم واصلوا مسيرة الفتح إلى

 الشمال الإفريقي.

أحدث أقدم