شهر ربيع الأول

 




بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ



{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102]، 



بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ



{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1]،


بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ


 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71].


أما بعد؛   فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد

 صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل

 بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. لقد شهد شهر ربيع الأول أحداثًا

 مهمة في هذه الأمة، وشغلت هذه الأحداث محلًا كبيرًا من

 الاهتمام، بل وجانبًا كبيرًا من الاختلاف، إنَّ أبرز أحداث السيرة النبوية

 التي وقعت في هذا الشهر هي: مولد النبي صلى الله عليه وسلم،

 وهجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ووفاته، وهذه الأحداث

 جميعها مهمة في حياة المسلمين بل في حياة الثقلين. وفي هذا

 الشهر؛ ابتلي فيه بعضُ المسلمين ببدعة دخيلة على دينهم، فيجعلون

 حدث المولد النبوي احتفالًا، وله طقوسه، مخالفين بذلك الكتاب

 والسّنّة، وهدي السَّلف الصالح في هذه المسألة، حتى إنَّ بعض

 هؤلاء يجعلون ميلاد النَّبي صلى الله عليه وسلم أهمَّ حدث في السيرة؛

 بل في الوجود كله. والحدث الأهم من ولادته هو هجرته صلى الله

 عليه وسلم التي غيرت بفضل الله وربت المجتمع المسلم والدولة

 المسلمة التي استمرت قرونًا طويلة، وقدمت للإنسانية حضارة فريدة

 على مرّ الزمن، ولأهمية هذا الحدث أرَّخ به عمر بن الخطاب رضي الله

 عنه والمسلمون بعده التاريخ الإسلامي، كما روى ابن أبي شيبة عن

 الشعبي أنَّ أبا موسى رضي الله عنه كتب إلى عمر رضي الله عنه: إنّه

 يأتينا منك كُتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر رضي الله عنه النَّاس، فقال

 بعضهم: أرِّخ بالمبعث، وبعضهم: أرِّخ بالهجرة، فقال عمر: "الهجرة

 فرّقت بين الحقّ والباطل فأرّخوا بها" (المصنف: [7/26]). ومن الأحداث

 المهمة في هذا الشهر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم هو

 وفاته عليه الصلاة والسلام، لأنَّ وفاته صلى الله عليه وسلم ليست

 كوفاة سائر النَّاس، ولا كسائر الأنبياء؛ إذ بموته صلى الله عليه وسلم

 انقطعت النبوات، وانقطع خبر السماء ووحي الله عن الأرض. وقد نبّه

 النبي صلى الله عليه وسلم إلى عظم هذه المصيبة التي حلّت

 بالمسلمين فقال: «يا أيها الناس أيما أحد من الناس أو من المؤمنين

 أصيب بمصيبة فليتعزَّ بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن

 أحدًا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشدّ عليه من مصيبتي»[1]،

 قال السندي: "«فليتعزّ» أي ويخفِّف على نفسه مؤونة تلك المصيبة

 بتذكر هذه المصيبة العظيمة، إذ الصّغيرة تضمحلّ في جنب الكبيرة

 فحيث صبر على الكبيرة لا ينبغي أنْ يبالي بالصّغيرة" (حاشية السندي

 على ابن ماجة: [1599]). وحرصًا على التعاون على البر والتقوى

 والتواصي بالحق والتواصي بالصبر من خلال النصيحة والتوجيه والإرشاد

 أُذكِّر بحديث تميم الدَّاري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم

 قال: «الدِّين النَّصيحة»، قلنا: لمن؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله،

 ولائمة المسلمين وعامتهم» (رواه مسلم في صحيحه برقم: [55]).

 فانطلاقًا من هذا الحديث جمعت هذه الرسالة اللَّطيفة عن شهر ربيع

 الأول، سائلًا المولى عز وجل أن ينفع بها، وأنْ يجعلها ابتغاء وجهه

 الكريم خالصة وصوابًا؟ أي على ما جاء بسنة النبي صلى الله عليه

 وسلم.



  أولا: معنى ربيع الأول 


  سُمِّيَ بذلك لأنَّ تسميته جاءت في الربيع فلزمه ذلك الاسم. والربع:

 محله، يقال: ما أوسع ربع بني فلان! وربعت الإبل، إذا وردت الربع، يقال:

 جاءت الإبل روابع، قال ابن السكيت: "ربع الرجل، يربع، إذا وقف وتحبَّس".

   "والرَّبيعُ عند العرب ربيعان: ربيع الشهور، وربيع الأزمنة، فربيع الشهور

 شهران بعد صفر، ولا يقال فيه إلا شهر ربيع الأول، وشهر ربيع الآخر،

 وأما ربيع الأزمنة، فربيعان: الربيع الأول، وهو الفصل الذي تأتي فيه

 الكمأةُ والنور، وهو ربيع الكلأ، والربيع الثاني وهو الفصل الذي تدرك

 فيه الثمار، وفي الناس من يسمِّيه الربيع الأول، وجمع الربيع: أربعاء

 وأربعة، مثل نصيب وأنصباء وأنصبة، قال يعقوب: ويجمع ربيع الكلأ

 أربعة، وربيع الجداول أربعاء، والربيع: المطر في الربيع، تقول منه: ربعت

 الأرض فهي مربوعة" (الصحيح في اللغة: [1/238]، المصباح المنير:

 [1/216]، المفصل في تاريخ العرب: [15/275]). 


ثانيًا: تسميته


قد جاء في تسميته بهذا الاسم عدة روايات؛ منها: "أنَّ العرب كانوا

 يخصّبون فيه ما أصابوه من أسلاب في صفر؛ حيث إنَّ صفرًا كان أول

 شهور الإغارة على القبائل عقب المحرَّم" (هذا كان في الجاهلية أما

 بعدما جاء الإسلام تغيرت هذه المفاهيم الجاهلية وحفظت الدماء إلا

 بموجب ما تقتضيه الأحكام الشرعية من قصاص ونحوه). وقيل: بل

 سُمِّيَ كذلك لارتِباع الناس والدواب فيه وفي الشهر الذي يليه [ربيع

 الآخر]، لأن هذين الشهريْن كانا يأتيان في الفصل المُسمَّى خريفًا

 وتسميه العرب ربيعًا، وتُسمَّي الربيع صيفًا والصيف قيظًا. وهناك رأي

 يقول: إنَّ العرب كانت تقسم الشتاء قسمين، أطلقوا عليهما الربيعيْن:

 الأول منهما ربيع الماء والأمطار، والثاني ربيع النبات؛ لأن فيه ينتهي

 النبات منتهاه، بل إن الشتاء كله ربيع عند العرب من أجل الندّى. وفي

 الحقيقة، كان الربيع عند العرب ربيعيْن: ربيع الشهور، وربيع الأزمنة؛

 فربيع الشهور، شهران بعد صفر؛ وهما ربيع الأول وربيع الآخر. وأما ربيع

 الأزمنة، فربيعان:   الرَّبيع الأوَّل: وهو الفصل الذي تأتي فيه الكمأة

 والنَّوْر، وتطلق عليه العرب: ربيع الكلأ.   والثاني: هو الفصل الذي تُدْرَكُ

 فيه الثمار، ومنهم من يسميه الربيع الثاني، ومنهم من يُسمِّيه الربيع

 الأول كسابقه.لذا، كان أبو الغوث يقول: "العرب تجعل السنة ستة

 أزمنة: شهران منها الربيع الأول، وشهران صيف، وشهران قيظ،

 وشهران الربيع الثاني، وشهران خريف، وشهران شتاء" (انظر: القاموس

 المحيط، ص: [928]، تاج العروس: [21/34]: ربع، ولسان العرب: [8/99]:

 ربع).



 أهم الأحداث التي وقعت في ربيع الأول


أولًا: ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم 


ثانيًا: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم 


ثالثًا: وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

أحدث أقدم