يجوز إعطاء الزكاة للغارمين بأنفسهم ، كما يجوز دفعه لأصحاب الدَّيْن
مباشرة ، ويختلف تفصيل إحدى الطريقتين على الأخرى باختلاف حال
المدين
وقال الشيخ محمد العثيمين :
وهل يجوز أن نذهب إلى الدائن ونعطيه ماله دون علم المدين ؟
الجواب : نعم يجوز ؛ لأن هذا داخل في قوله تعالى : وفي الرقاب فهو
مجرور بـ " في " و " الغارمين " عطفاً على " الرقاب " ، والمعطوف على
ما جُرَّ بحرف يُقدَّر له ذلك الحرف ، فالتقدير " وفي الغارمين " ، و " في " لا
تدل على التمليك ، فيجوز أن ندفعها لمن يطلبه .
فإن قال قائل : هل الأولى أن نسلمها للغارم ونعطيه إياها ليدفعها
إلى الغريم ، أو ندفعها للغريم ؟
الجواب : فيه تفصيل :
إذا كان الغريم ثقةً حريصاً على وفاء ديْنه : فالأفضل بلا شك إعطاؤه
إياها ليتولى الدفع عن نفسه حتى لا يخجل ولا يُذم أمام الناس .
وإذا كان يخشى أن يفسد هذه الدراهم : فإننا لا نعطيه ، بل نذهب
للغريم الذي يطلبه ونسدِّد عنه .
وينبغي التنبه إلى أن الغارم هو الذي يغرم بسبب عجز عن نفقة ، أو
للإصلاح بين متخاصمين ، وما شابه ذلك .
قال علماء اللجنة الدائمة :
إذا استدان إنسان مبلغاً مضطراً إليه ؛ لبناء بيت لسكناه ، أو لشراء
ملابس مناسبة ، أو لمن تلزمه نفقته ؛ كأبيه ولأولاده أو زوجته ، أو
سيارة يكد ( يعمل ) عليها لينفق من كسبه منها على نفسه ، ومن
تلزمه نفقته مثلا ، وليس عنده مايسدد به الدين : استحق أن يُعطى من
مال الزكاة ما يستعين به على قضاء دينه .
أما إذا كانت استدانته لشراء أرض تكون مصدر ثراء له ، أو لشراء سيارة
ليكون من أهل السعة أو الترف : فلا يستحق أن يُعطى من الزكاة .
الأدلة:
قال اللهُ تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا
وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ
فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 60]
من الإجماع
نقل الإجماع على ذلك:
قال ابن المنذر:
(وأجمعوا على أنه إن فرض صدقته في الأصناف التي ذكرها في
سورة التوبة: 60 في قوله تعالى:
( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا )صدق الله العظيم
وقال ابن قدامة:
(ولا خلافَ في استحقاقِهم، وثبوتِ سَهمِهم، وأنَّ المدينينَ العاجزينَ
عن وفاءِ دُيونِهم منهم).